قراءة نقدية في كتاب نوعامي كلاين "عقيدة الصدمة"
في العشرين سنة منذ الغي الابرتهايد (نظام التفرقة العنصرية) في جنوب إفريقيا، رأت الأغلبية العظمى من اليسار في العالم تغيير الحكم هناك كانتصار لامع للإنسانية على قوى الظلام. جنوب إفريقيا الجديدة مجدت كنموذج للإعجاب والاقتداء وزعماؤها السود حظوا بالاحترام في العالم بأسره. ولكن فحصا أكثر جدية "للديمقراطية التي ولدت في القيود" كما تسمي نوعامي كلاين جنوب إفريقيا، يظهر صورة مختلفة.
في كتاب "عقيدة الصدمة" تصف كلاين كيف أن البلاد الغنية، التي كان يفترض بها أن تتحول مع نهاية الابرتهايد الى دولة علمانية ديمقراطية، أصبحت عمليا قشرة من الديمقراطية البرلمانية، التي تسيطر عليها اتحادات ومعها القوى الاجتماعية التي أقامت نظام الابرتهايد. خلافا للخطة السياسية للمؤتمر القومي الإفريقي، الذي وعد بإعادة الدولة الى الأغلبية السوداء بقيت القوة الحقيقية في يد الأقلية البيضاء. وكتبت كلاين تقول:
"في الفترة الحاسمة بين تحرير نلسون مانديلا من السجن في شباط 1990، وبين تعيينه رئيسا للدولة في 1994، تخلى حزبه، المؤتمر القومي الإفريقي عن الأغلبية الساحقة من "ميثاق الحرية" الذي اقر في مؤتمر الشعب في 1955.
"استهل الميثاق بالإعلان: "الشعب سيحكم". مانديلا، في رسالة من جملتين أطلقها لمؤيديه قبل أسبوعين من تحريره من السجن، صاغ ذلك على النحو التالي: "سياسة المؤتمر الوطني الإفريقي هي تأمين المناجم، البنوك والصناعات الاحتكارية... تغيير أو تعديل الموقف في هذا الموضوع لا يعقل. القوة الاقتصادية للسود هي هدف نؤيده ونشجعه بلا تحفظ، ولكن في وضعنا لا مفر من سيطرة الدولة في فروع اقتصادية معينة"، هذه الكلمات ماتت في غضون وقت قصير للغاية.
لكل الفصائل في المؤتمر الوطني الإفريقي كان واضحا بان الابرتهايد ليس فقط نهجا سياسيا بل وأيضا نهجا اقتصاديا، استخدم العنصرية لفرض نظام ربحي شديد: نخبة بيضاء نجحت في جمع أرباح هائلة من المناجم، من المزارع والمعامل في جنوب إفريقيا. وكانت قوة العمل السوداء ممنوعة من امتلاك الأرض وأجبرت على تقديم عملها مقابل قدر أقل كثيرا من قيمتها. وكان منديلا كما تشدد كلاين، لا يزال يؤمن عشية تحريره من السجن بأنه لن تقوم قائمة للحرية دون إعادة توزيع الأملاك.
"ولكن في السنوات القليلة التي انقضت الى أن تسلم مانديلا منصب الرئاسة، حصل شيء اقنع قيادة الحزب بعدم استخدام قوته ومكانته للمطالبة باستعادة مقدرات الدولة التي سلبت وبإعادة توزيعها. وحسب وصف كلاين فان "الحزب تبنى سياسية هي شهادة حية على ما هو متوقع عندما ينفصل الإصلاح الاقتصادي عن التغيير السياسي. على المستوى السياسي وان كان انتهج حكم الأغلبية، وبات لكل المواطنين الحق في الانتخاب والحريات المدنية، بيد أن جنوب إفريقيا تسبق البرازيل وحدها في المنافسة على لقب المجتمع غير المتساوي الأكبر في العالم".
"في المحادثات التي بحث فيها إنهاء الابرتهايد، مانديلا وممثلوه حققوا ما يريدون تقريبا في كل واحد من بنود المفاوضات في المجال السياسي. والمدني. ولكن الى جانب ذلك، وبشكل أقل تغطية إعلامية، دارت المفاوضات الاقتصادية، والذي مثل المؤتمر الوطني الإفريقي فيها تابو مبكي (في وقت لاحق رئيس جنوب إفريقيا). في المحادثات الاقتصادية اقر "إجماع واشنطن" الذي ساد في قبة الكابيتول. المجالات الاساس المتعلقة باتخاذ القرارات الحاسمة الاقتصادية – كالسياسة التجارية أو البنك المركزي – أعلن عنها كمجالات "فنية" أو "إدارية" ونقلت السيطرة عليها الى محافل "غير منحازة" زعما: خبراء، اقتصاديين وموظفي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي – ممثلين لكل جهة باستثناء مقاتلي الحرية من المؤتمر الوطني الإفريقي. وهكذا تمت بنجاح بلقنة اقتصاد الدولة.
"الاقتصادي فيشنو فدياتشي كان أحد القلائل في المؤتمر الوطني الإفريقي الذي كان ذا تأهيل كلاسيكي في الاقتصاد. في نهاية 1993 طُلب إليه أن يعد ورقة موقف عن الفضائل والنواقص التي في جعل البنك المركزي لجنوب إفريقيا كيانا مستقلا يدار بحكم ذاتي. فدياتشي عارض الفكرة بشدة، وكما قال في تلك الأيام فانه حتى الاقتصاديين في الولايات المتحدة ممن تبنوا السوق الحرة رأوا في منح استقلالية كاملة للبنك المركزي فكرة شاذة طورتها حفنة من الإيديولوجيين من مدرسة شيكاغو. ولمفاجأة فدياتشي فانه ليس دستور جنوب إفريقيا وحده قدس الحكم الذاتي الكامل للبنك المركزي بل كان سيقف على رأسه من أداره في عهد الابرتهاد، كريس ستالس. في خطوة أخرى من الخضوع الواسع بقي في منصبه حتى ديرك كيس، وزير المالية الأبيض في حكومة الابرتهايد.
وتحاول كلاين أن تشرح كيف حصل الأمر دون ان تتهم قيادة المؤتمر الوطني الإفريقي:
"فدياتشي لا يؤمن بان رفاقه في الكفاح اشترتهم الاتحادات. برأيه، ضللوا لانعدام تجربتهم تماما في المواضيع الاقتصادية. ووجد المؤتمر الوطني الإفريقي نفسه عالقا في شبكة حبكت بقواعد وأنظمة كل هدفها تقييد وكبح قوة الزعماء المنتخبين. في اللحظة الأخيرة اتفق على أن يضاف الى الدستور الجديد بند يحمي كل الملكية الخاصة (!)، الأمر الذي منع كل قدرة على تنفيذ إعادة توزيع للأراضي.
"المؤتمر الوطني الإفريقي شُجع على الموافقة للانضمام الى اتفاقات التجارة العالمية ومنظمة التجارة العالمية، وبذلك تعطلت القدرة على إيجاد أماكن عمل لملايين العاملين العاطلين عن العمل وذلك لان هذه الاتفاقات تمنع كل دعم حكومي لإنتاج محلي مثل مصانع السيارات ومعامل النسيج. وحتى النية للتوزيع المجاني لأدوية مضادة للايدز عرقلت لان الحديث يدور عن "انتهاك للالتزام بحقوق الملكية الروحية المقررة في نظام منظمة التجارة العالمية. وصفقة وقعت تماما قبل الانتخابات مع صندوق النقد الدولي منعت إمكانية فرض رقابة على العملة ورفع الحد الأدنى للاجور. وغيرها هنا وهناك من الاتفاقات الموقعة مع هيئات ذات أسماء تجارية كل واحدة منها تمثل جانبا آخر في الشبكة التي شلت فرسان الحكومة الجديدة.
وترتدي اعتذارية كلاين شكلا اكثر قطعا: "في نظرة الى الوراء، من الصعب ان نرى كيف كان ممكنا الوصول الى نتيجة مغايرة. جنوب افريقيا كانت في ذلك الوقت قريبة جدا من حرب أهلية. مذابح الشرطة واصلت العربدة، وتواصلت الاغتيالات للزعماء، وكان شعور بأن هذا كان هو الصراع الحقيقي – بين الصراع الحقيقي كان على الاقتصاد. أحد باستثناء حفنة من الاقتصاديين لم يرغب في البحث في المكانة المستقلة للبنك المركزي. وكان الافتراض بأنه حتى لو كانت هناك حاجة الى حلول وسط للوصول الى الحكم، ففي اللحظة التي تمسك بها اليد المتينة للمؤتمر الوطني الافريقي الخيوط، سيكون ممكنا اجراء الاصلاحات. ما لم يفهمه النشطاء هو في انه في تلك المفاوضات أدخلت تعديلات حول طبيعة الديمقراطية.
"في السنتين الاولتين لحكمه حاول المؤتمر الوطني الافريقي أن يستخدم المقدرات المحدودة التي تحت تصرفه كي يحقق الوعد باعادة توزيع المقدرات. اكثر من مئة الف منزل بنيت للفقراء. والملايين ربطوا بشبكات المياه، الكهرباء والهاتف. ولكن تحت ثقل الدين والضغط الدولي لخصخصة الخدمات، سرعان ما بدأت الحكومة برفع الاسعار وفي غضون عقد من الزمان قطع ملايين من البشر عن شبكات المياه والكهرباء لانهم لم يتمكنوا من دفع فواتيرهم. اما البنوك، المناجم والاحتكارات الصناعية، التي تعهد مانديلا بتأميمها، بقيت في أيدي أربعة من عظماء المال البيض، الذين يسيطرون أيضا على 80 في المائة من بورصة يوهانسبورغ. لعل الاحصاءات الاكثر اثارة للصدمة هي التالية: منذ 1990، السنة التي خرج فيها مانديلا من السجن، انخفض متوسط مدى العمر لسكان جنوب افريقيا بـ 13 سنة.
حسب كلاين ما أقنع قيادة المؤتمر الوطني الافريقي و "أجبرها" على التخلي عن اصلاحاتها هي قوى السوق: "في اللحظة التي تحرر فيها مانديلا أصيب سوق الاسهم بالفزع وانهار. الراند – عملة جنوب افريقيا هبط 10 في المائة. فرار الفزع الذي استقبل مانديلا حين تحرر من السجن كان فقط بداية ما اصبح لعبة فعل ورد فعل بين قيادة المؤتمر الوطني الافريقي وبين الاسواق المالية – "حوار – صدمة" علم الحزب وعوده على قواعد اللعب الجديدة. مانديلا نفسه اعترف بوجود فخ السوق العالمية".
تابو مبكي، اليد اليمنى لمانديلا في عهد رئاسته ومن أصبح بسرعة خليفته، تعلم في بريطانيا وتأثير عميقا بتاتشرية الثمانينيات. مبكي أخذ على عاتقه منصب المرشد لشؤون السوق الحرة داخل الحزب. وبدلا من الدعوة الى تأميم المناجم، بدأ مانديلا ومبكي يتعاونان مع الرموز الاقتصادية لحكم الابرتهايد. في المقابلة الاولى التي منحها مانديلا بحكم منصبه كرئيس بعد الانتخابات، حرص على ان يبعد نفسه عن تصريحاته السابقة وقال: "في سياستنا الاقتصادية... لا يوجد ولو شعار واحد يربطنا بأي ايديولوجيا ماركسية".
نفي مانديلا ينبغي ان يفهم في سياقه الصحيح. الاغلبية في قيادة المؤتمر الوطني الافريقي كانت تنتمي الى الحزب الشيوعي الجنوب افريقي، الفرع المحلي للستالينية. هذه الحقيقة تشرح لماذا توقع منه اصحاب رؤوس الاموال مثل هذا النفي ومن جهة اخرى الانضباط المطلق في الهيكلية الحزبية التي منعت نشطاء المؤتمر الوطني الافريقي من معارضة الطريق الجديد للقيادة واجبارها على الايفاء بتعهداتها للشعب. كلاين تتجاهل تماما هذه الحقيقة ولا تطرحها ضمن تحليلها. وهي تواصل وتقول:
"في حزيران 1969 كشف مبكي النقاب عن خطة اقتصادية ليبرالية جديدة دعت الى خصخصة أخرى، الى تقليصات في النفقات الحكومية، الى "مرونة" في سوق العمل، الى تجارة اكثر حرة والى اليات رقابة أخف على تدفق المال. "ببساطة قولوا اني تاتشري"، مزح مبكي كي يضمن بأن تصل رسالته الى الآذان الصحيحة". حتى هنا نظرية كلاين.
ولكن كلاين، رغم كونها صحفية باحثة من الدرجة الاولى، امتنعت عن استخلاص الاستنتاجات اللازمة. ليس مبكي فقط اصبح تاتشريا. ففي تشرين الاول 1994 قررت "وول ستريت جورنال" بأن مانديلا يبدو "بالضبط مثل السيدة تاتشر".
ولكن هل فقط التاتشرية هي التي أدت الى الغاء ضريبة التضامن، أم انه كان للقيادة المنتخبة في المؤتمر الوطني الافريقي اسباب داخلية منعتهم من الايفاء بوعودهم للجمهور الذي آمن بهم؟ "لجنة الحقيقة والمصالحة" التي بحثت عن السبل لاشفاء المظالم خرجت بتوصية متواضعة للغاية: فرض ضريبة لمرة واحدة بمعدل 1 في المائة، سميت "ضريبة التضامن" على الشركات المتعددة الجنسيات التي حققت المرابح من الابرتهايد، وذلك من أجل الضحايا. اما الحكومة، التي وقف على رأسها الان مبكي، فرفضت كل اقتراح لدفع تعويضات او فرض ضريبة التضامن على الشركات. كلاين تواصل وصفها فتقول:
"المطران ديزموند توتو قال: "هل سيكون بوسعكم ان تشرحوا كيف حصل ان اليوم، بعد نحو عشر سنوات من التحرير، ينهض رجل أسود في الصباح ليجد نفسه في غيتو محاصر؟ كيف يسير بعد ذلك الى العمل في المنازل الفاخرة في المدينة – التي لا تزال في معظمها بيضاء – وفي نهاية النهار يعود الى بيته في ذات الغيتو؟ لا أفهم لماذا لا يقولو هؤلاء الناس ببساطة – الى الجحيم بالمصالحة. الى الجحيم بتوتو ولجنة الحقيقة"".
نشطاء حقوق الانسان في جنوب افريقيا يدعون اليوم بأنه كان من الخطأ اهمال الجوانب الاقتصادية للابرتهايد والهيئات التي جاء ليخدمها.
"في نفس الوقت الذي رفضت فيه حكومة المؤتمر الوطني الافريقي فرض دفع التوصيات على الشركات الكبرى، واظبت على تسديد ديون الابرتهايد. وأشار مانديلا الى عبء الدين بأنه العائق الأساس والأكبر الذي كان أمام تنفيذ تعهدات "ميثاق الحرية"، ولكن الحزب عارض كل اقتراح بشطب الدين الهائل. في سنوات 1998 – 2004، مثلا، باعت حكومة جنوب افريقيا 18 شركة حكومية، مما أدخل اليها 4 مليار دولار، ولكن نحو نصف هذا المبلغ حول لدفع الدين. بمعنى، الحكومة باعت أملاكا وطنية كي تغطي ديون مضطهديها.
"الى أين ذهب؟ كانت هذه مسألة أخرى من المسائل "الفنية" التي لم يقف فيها المؤتمر الوطني الافريقي عند مبادئه الأساس. 40 في المائة من دفعات الدين السنوية للحكومة تتدفق الى صندوق التقاعد الهائل للدولة، الذي معظم المستمتعين به كان يشغلهم نظام الابرتهايد.
"في العام 2005، بعد عشر سنوات من الانعطافة الحاسمة لجنوب افريقيا نحو التاتشرية، نتائج التجربة فضائحية:
منذ 1994، السنة التي تسلم فيها المؤتمر الوطني الافريقي الحكم، تضاعف عدد الحاصلين على رزقهم بمبلغ أقل من دولار في اليوم فارتفع من 2 مليون الى 4 مليون في 2006.
في سنوات 1991 – 2002 ارتفع معدل البطالة في اوساط السود بأكثر من ضعفين، من 23 في المائة الى 48 في المائة.
الحكومة بنت 1.8 مليون وحدة سكن، ولكن في نفس الوقت فقدت 2 مليون نسمة منازلهم ونحو مليون نسمة أخلوا من مساكنهم في المزارع. معنى الاخلاءات كان ان عدد ساكني الاكواخ ارتفع بمعدل 50 في المائة.
"الحجة الاكثر اقناعا في صالح التنازل عن وعود "ميثاق الحرية" باعادة التوزيع كانت الحجة الاقل ابداعا منها جميعا: "العالم تغير، لكل أحاديث اليسار هذه لم يعد هناك أي معنى، هذه هي الامكانية الوحيدة اليوم". أفضل الاقتصاديين في المؤتمر الوطني الافريقي اجتازوا دراسات سريعة في اقتصاد السوق. فقد نقلوا الى مكاتب ادارة المنظمات الدولية مثل البنك الدولي، صندوق النقد الدولي ووضعوا ضمن برامج التأهيل السريعة لمدراء المدارس الاجنبية للاعمال التجارية، في بنوك الاستثمار، في معاهد البحث لشؤون السياسة الاقتصادية وفي البنك الدولي، وهناك اطعموهم بلائحة طعام ثابتة من الافكار الليبرالية الجديدة.
"لم يسبق أن أغويت حكومة مستقبلية هكذا من قبل الاسرة الدولية"، تدعي كلاين حسب وصفها، يسيطر السود على الدولة ومؤسساتها التمثيلية ولكن تلك الاقلية البيضاء التي حكمت في عهد الابرتهايد لا تزال تسيطر على الاقتصاد حتى اليوم. المشكلة هي ان كلاين تفعل بالضبط ما تروج ضده، وتستخلص استنتاجات وكأنه يمكن الفصل بين السياسة والاقتصاد. وهي لا تذكر على الاطلاق الفساد الهائل الذي استشرى في اوساط قيادة المؤتمر الوطني الافريقي، وانعدام نجاعة الجهاز الحكومي.
السطر الاخير محبط في كل الاحوال: رغم الغاء المظاهر الفظة للابرتهايد، بقيت جنوب افريقيا دولة الاقلية البيضاء. هذه الاقلية تسيطر في شركات المناجم والصناعة، في المؤسسات المالية وعلى الاراضي التي لم يتم اعادة توسيعها. قوتها الاقتصادية تجد تعبيرها في السياسة الداخلية والخارجية التي ينفذها الممثلون السود للاغلبية المهزومة. ولا غرو ان جنوب افريقيا "الديمقراطية" هي اليوم احدى المناطق الاكثر خطرا في العالم من حيث الجريمة والعنف.
אין תגובות:
הוסף רשומת תגובה