יום שישי, 18 בדצמבר 2009

דיר יאסין, כפר קאסם, גטו עזה

שלושה ציוני הדרך בכותרת מהווים שיאים בתוך רצף הסטורי קשה המצביע על מאפיין בסיסי של התנועה הציונית ומדינת ישראל. המטרות של המשטר הקולוניאלי האתני-יהודי ממשיכות להיות סמויות מעיני העולם, מעיני רוב החברה היהודית ואף מעיני חלק גדול של הפלסטינים עצמם. רוב הפלסטינים אזרחי ישראל אינם מסוגלים להאמין שסילוקם הפיזי ממולדתם הוא חלק מהחזון הציוני הבסיסי. זאת למרות נסיונם המר ולמרות שכבר עברו את הטיהור האתני בעקבות חלוקת פלסטין, את שוד הקרקעות המסיבי, חוקי אפרטהייד, האפליה המתמשכת בכל התחומים, שלילת זכות השיבה ושרשרת ארוכה של מעשי טבח שרק חלקם הוזכר כאן.
בשנה האחרונה עולים עוד ועוד חוקים אנטי דמוקרטיים המכוונים כולם נגד הפלסטינים היושבים בשטחי 48. החוקים מהווים התגרות גלויה ופרובוקציה שמטרתה היחידה לנסות ולגרות לתגובה פלסטינית שתצדיק אלימות מצד המדינה: החל מהחוק האוסר לשלול את ישראל כמדינה יהודית, וכלה בחוק ההופך את ציון הנכבה לבלתי חוקי עבור המוסדות הפלסטינים בישראל.
כאשר יאושרו על ידי הרוב הקואליציוני המובטח יצטרפו חוקים אלה לתיקון מס' שבע לחוק יסוד הכנסת האוסר על הקמת רשימות המתנגדת להגדרת ישראל כמדינת "העם היהודי"; ולתיקון חוק האזרחות האוסר על בני זוג של פלסטינים אזרחי ישראל תושבי 48 לחיות עם בני זוגם במולדתם. החירויות הדמוקרטיות והאזרחות הישראלית כבר מזמן מהווים בדיחה עצובה וריקה מתוכן עבור אזרחים פלסטינים.

כפועל יוצא מתפישתה של "המדינה היהודית" אזרחיה הפלסטינים מוגדרים בהכרח כאויב מבפנים. בקרב אותו "אויב" הקימה המדינה יחידות של "מסתערבים", סוג של קומנדו משטרה חשאית פוליטית, על פי הדגם של האפלים במשטרים. האם יכול אדם הגון, ויהיה זה ערבי יהודי או כל אדם אחר, להסכים עם קיומה של מדינה כזו?

התשובה היא: לא! את "המדינה היהודית" יש להחליף במדינה חילונית ודמוקרטית בכל שטח פלסטין ההיסטורית. רפובליקה שוויונית שתחזיר את הפליטים ותיצור כאן לאום מודרני המורכבת מערבים ויהודים בעלי זכויות שוות. בכל התחומים - זכויות אדם, זכויות אזרח וזכויות קולקטיביות. זה המאבק היחיד היכול לענות על צרכי כל תושבי פלסטין ההיסטורית. רק כך יימנע מצב המוביל בהכרח לאפליה, שוד, מעשי טבח וטיהורים האתניים

אוקטובר 2009

הוועד למען מדינה חילונית דמוקרטית בכל שטח הארץ.

يُضغطون من الخارج ويقمعون في الداخل


ادعت حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك انها ستكون "حكومة الجميع": الليكود وحزب العمل ايضا، والترحيليين المكشوفين و "الاشتراكيين – الديمقراطيين" عديمي القاعدة العمالية ايضا... في نهاية الامر، نجحت المبادرة وكان يجب أن تنجح من جهة مصلحة النظام الصهيوني. كانت الوحدة حيوية لنتنياهو، فقد كرر كونها ضرورية مرة بعد اخرى. فلماذا كل ذلك؟
بسبب "التهديد الذري الايراني" في ظاهر الامر. لكن كل ولد يعلم في الواقع وكذلك يعلم الصحفيون والخبراء الاسرائيليون ان "الغموض الذري الاسرائيلي" يغطي بصعوبة على مجموعة من ادوات تدمير يمنع وجودها دولة اسرائيل التوقيع على الميثاق الدولي لعدم نشر السلاح الذري وذلك بموافقة الراعي الامريكي. معنى ذلك انه في اسوأ الحالات، من جهة حكومة اسرائيل، أخذ ينشأ ههنا توازن رعب جديد سيمنع قصفا ذريا ايرانيا، ولن تستطيع اسرائيل ان تهاجم ايران بغير إذن امريكي. الان، في فترة ادارة اوباما، تريد الولايات المتحدة ان تعمق اعتمادها الاقليمي على نظم الحكم الاقطاعية – البرجوازية في المنطقة، على حساب العميلة الاسرائيلية الخاضعة خضوعا مباشرا للامبريالية الامريكية. في خطبة اوباما التأسيسية في القاهرة اعلن ان "العالم الاسلامي – العربي" أصبح نقطة الارتكاز الرئيسة للولايات المتحدة في المنطقة، وبهذا الغى ميراث بوش منذ 11/9/2001. تشتمل هذه الرؤيا ايضا على دول "اسلامية" ليست عربية كايران مثلا.
اذا كان الامر كذلك، فانه يصعب ان نفترض ان تجيز الادارة في واشنطن مهاجمة اسرائيل لايران. بيد أن الاعتبارات التي تدفع حكومة نتنياهو لا تماثل اعتبارات واشنطن تماما. ومن هنا تأتي المواجهة الضعيفة النغم، التي ما تزال دبلوماسية بين الدولتين. لهذا تضعف بعثة ميتشيل ممثل اوباما الذي يعرض مطالب الادارة، حكومة نتنياهو. وذلك لان السلاح الذري يلعب دورا سياسيا حاسما في النظام السياسي الذي ينظم ويسوي علاقات الدول فيما بينها.
ان ملك السلاح الذري يقسم الدول في طائفتين مختلفتن: تلك التي تملك وتصنف على انها قوى عظمى عالمية او اقليمية، وتلك التي لا تملك وتصنف على أنها دول متعلقة باحدى القوى العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة. في جنوب آسيا اصبحت الهند والباكستان قوى اقليمية بفضل سلاحهما الذري.
في منطقتنا، كانت الى الان قوة اقليمية واحدة هي اسرائيل. في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي زود الاستعمار الفرنسي الذي عقد حلفا عسكريا وثيقا مع اسرائيل على خلفية تأميم قناة السويس وحرب الجزائر، بالوسائل لبناء مفاعل ذري. بعد ذلك بسنين، منح الرئيسان الامريكيان جونسون ونكسون اسرائيل مباركة الراعية الجديدة. افضى ذلك الى توثيق الحلف بين القدس وواشنطن في الموضوع الذري كجزء من "التعاون الاستراتيجي" بينهما.
في نهاية الستينيات تمت الموافقة على صيغة "الغموض الذري" الاسرائيلي: ان لا تعلن اسرائيل بملكيتها لهذا السلاح، والا تجري لذلك تجارب ذرية علنية، وان تهتم الولايات المتحدة بالتفوق الاستراتيجي لعميلتها الكبرى في الشرق، أي ان تمنحها نظم السلاح المتقدمة التي يستعملها جيشها. هكذا اصبحت اسرائيل قوة اقليمية وحيدة.
جميع نظم الحكم في المنطقة تندمج في هذا النظام ما بعد الاستعماري الراسخ. وقد قامت وما تزال تقوم نتاج هذا النظام، لانه أتى يدفع عنها جماهير الشعب في بلادها. ومن هنا يأتي اعتمادها الجوهري الاساسي على اسرائيل كما تحتاجها اسرائيل تماما في مواجهة الجماهير الفلسطينية. يقال ذلك على نحن خاص في السنين الاخيرة عن التعاون اليومي بين القاهرة، زعيمة الجامعة العربية واسرائيل. فلماذا الى هذا الحد؟
لان الدولة الايرانية تسعى لان تصبح بنفسها قوة رئيسة في المنطقة. مع احتكاكات ومصادمات قد تسلم الولايات المتحدة لوجود ايران ذرية. تشير الاحداث في طهران بعد الانتخابات الرئاسية الى أن القيادة الدينية السياسية للنظام الديني بشقيه، مختلفة في طريقة التوصل الى اقصى قدر من مواصلة واشنطن.
هذا منظار يلقي الرعب في القدس والقاهرة والرياض وغيرها. فجميعها ذات مصلحة مشتركة في سد طريق ايران نحو مكانة قوة رئيسة في المنطقة. فاسرائيل على نحو خاص ستخسر آنذاك حقوق تقدمها عند الاستعمار الامريكي، لكن كل بنية الترتيب قد تجري عليها تغييرات. ومن هنا تأتي الحملة المنزوعة اللجام على ايران.
هذا هو الدافع الى اقامة حكومة الوحدة الاسرائيلية في شهر اذار الاخير. ترى هذه الحكومة مهمتها الرئيسة اعداد السكان المدنيين والجيش لحرب ساحقة، اذا اتى ضوء اخضر من الادارة. قد تكون الحرب في الجانب الاسرائيلي ايضا، فتاكة، مدمرة على نحو مخيف.
بعد ان اقيمت حكومة نتنياهو – ليبرمان – باراك كجسم أعلى يعد السكان سياسيا لبدء حرب على ايران، لهذه الحكومة جدول عمل يشتق من خيارات ادارة اوباما الاستراتيجية. أدرك نظام الحكم الايراني ان اوباما توجه اليه ايضا بخطبة القاهرة، ويمكن ان نفترض انه فعل ذلك بقنوات سرية ايضا. اذن ما الذي اصيب بالرعب في القدس الغربية؟ من يزيد الضجيج حول السلاح الذري الايراني كي يصم آذان الجمهور؟ من يجعل الموضوع الايراني شرطا لكل مسيرة دبلوماسية برئاسة الولايات المتحدة – مؤملا ايضا جعل موضوع المستوطنات بذلك في الظل؟ تصرح لفني من "كديما" عن أنه لا فرق بينها وبين الحكومة في هذا المجال. واحزاب "اليسار" صامتة. الا تؤخذ تلك المليارات من الشواقل التي تصب على الجيش وعلى المناورات استعدادا للهجوم على ايران من الميزانيات المخصصة لجماهير الشعب؟ لكن الضجيج المدوي حول "التهديد الايراني" يصم آذان "الجهات الاجتماعية" أيضا.
يبرز التحول في واشنطن على خلفية طلب تجميد البناء في المستوطنات. في واقع الامر جمدت حكومة اولمرت البناء (المناقصات) في شهر تشرين الثاني 2008، وتابع نتنياهو التجميد منذ لحظة توليه عمله في شهر اذار (الامر الشاذ هو ابعاد العائلتين الفلسطينيتين في الشيخ جراح). الجدل هو ذر اسرائيل الرمل في عيون افراد اكثر الاحزاب رجعية في اسرائيل الشريك في الحكومة. لا توجد خلافات في الميدان بين ادارة اوباما وحكومة نتنياهو. ففي واقع الامر لا توجد بدايات بناء بعد.
الى ذلك يتناول الجدل الرسمي البناء في الجيل الشاب من المستوطنين. تقول الادارة الامريكية لعميلتها الاسرائيلية: يجب الا توزن احتياجات الجيل الجديد. انها تريد مهادنة الشركاء العرب الذين يريدون ان يحطوا عن ظهورهم عبء احتلال 1967 العنيف، الوحشي بلا حاجة، تضيف الادارة: المستوطنات، جميع المستوطنات، محظورة بحسب القانون الدولي (وثيقة جنيف الرابعة)، وهي ترى ان حكمها ان تختفي. هذا منبع الصدام الحقيقي بين حكومة نتنياهو وواشنطن. وبهذا يفصح تغير التوازن في المنطقة الذي تريد ادارة اوباما تقديمه.
يسأل كثيرون هل يجب على اسرائيل حقا أن تقبل تغييرات السياسة الامريكية، أولا تستطيع ان تعمل كما شاءت، في مسألة ايران او في مسألة المستوطنات. من أجل بيان ذلك نذكر القارىء بحرب تشرين الاول 1973 التي سميت آنذاك حرب يوم القيامة. لن نذكر املاء واشنطن في تشرين الثاني 1956 مع طلب ان تنسحب اسرائيل من شبه جزيرة سيناء التي احتلتها. نكتفي بذكر الاحداث حول حرب تشرين الاول 1973.
في 1972 قرر الحزب الحاكم في اسرائيل آنذاك حزب "العمل" في مؤتمره في "يميت" وهي مستوطنة في شمالي سيناء المحتلة، ان اسرائيل لن تنسحب من أي ارض احتلتها في 1967 (مقترح قرار ي. غليلي). على اثر ذلك، عزم السادات على بدء حرب محدودة تمكن الجيش المصري من السيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، وان يخلخل بذلك جمود التفاوض بين الدولتين. كان هدفها منع اسرائيل استمرار سيطرتها على سيناء المصرية.
في الاسبوع الثالث من شهر ايلول 1973، عشية افتتاح الجلسة السنوية للامم المتحدة في نيويورك، اقام سفراء دول الجامعة العربية وجبة احتفالية. كان ضيف الشرف في الامسية وزير الخارجية الامريكي هنري كيسنجر – الذي كان كما تعلمون خبيرا بالحيل الدولية. قامت خطبته في مركز الحفل. اعلن ان التحرك في الشرق الاوسط يحتاج الى حرب محدودة تكسر الجمود السياسي. وبهذا اعطى استعداد مصر وسورية للحرب ضوءاً أخضر. هذا ما حدث في 6 تشرين الاول.
منذ اسبوع الحرب الثاني أخذ ينفد مخزن السلاح الاسرائيلي. طلبت اسرائيل في غضون ثلاثة ايام صعبة، المساعدة من الولايات المتحدة ثلاث مرات. آنذاك فقط اعملت الولايات المتحدة القطار الجوي الذي لم يكن الجيش الاسرائيلي ليثبت ازاء السلاح الذي جلب من الاتحاد السوفييتي الى مصر وسورية لولاه، والذي اشتمل على بطاريات صواريخ ارض – جو – وكانت تجديدا في المنطقة اسقط الكثير من الطائرات الاسرائيلية، وصواريخ مضادة للدبابات اشتملت على صواريخ موجهة دمرت المدرعات الاسرائيلية. كانت اسرائيل متعلقة بالكلية بذلك القطار الجوي.
كانت ارساليات السلاح السوفييتية التي وصلت مصر آنذاك هي الاخيرة. على خلفية نتائج الحرب، كان كيسنجر يستطيع أن يبرهن للسادات على ان الولايات المتحدة فقط تستطيع ان تعيد الى مصر شبه جزيرة سيناء.
طوق الجيش الاسرائيلي، في الاسبوع الثالث للقتال الجيش المصري الثالث. اعتقدت الادارة الامريكية ان الحرب قد استنفدت نفسها بذلك، وانه احرز توازن بين الطرفين في ميدان القتال، إذ كانت مصر تسيطر على الضفة الشرقية للقناة وتحتل بذلك شريطا داخل سيناء، وطوقت اسرائيل احد الجيوش المصرية. في احد هذين الطرفين كان الوضع لا يحتمله واحد من الطرفين واحتاج الامر الى تفاوض. كان ذلك بالضبط الهدف الذي نصبته الادارة الامريكية لنفسها. تم تحطيم الجمود الذي استمر منذ 1967.
كان وقف القطار الجوي تهديدا جديا كافيا من واشنطن لاقناع اسرائيل بالتخلي عن مطامحها الى مواصلة الحرب، واخضاع مصر وسورية. في اذار 1975 قدمت الادارة الامريكية مقترحا الى اسرائيل، أتى كيسنجر به لـ "اتفاق مرحلي". اشتمل الاقتراح على انسحاب عميق داخل سيناء الى خط العريش – رأس محمد. وافقت مصر، وطلب رئيس حكومة اسرائيل رابين عوض ذلك اتفاق عدم قتال بين الدولتين. رفضت مصر وزعمت ان خطوة كهذه ستأتي فقط مع انسحاب اسرائيلي شامل من سيناء. اتهم كيسنجر اسرائيل بافشال التفاوض. اصدر الرئيس الامريكي جيرالد فورد اعلانا بشأن "تقدير من جديد" لعلاقات الولايات المتحدة باسرائيل. جمدت الادارة كل تبادلاتها مع اسرائيل وفي ضمنها وقف ارسال السلاح اليها. وهذا وضع فظيع بالنسبة لدولة هي آلة حرب قبل كل شيء. استمر هذا الوضع ستة اشهر. في ايلول 1975 اعلن رابين الولايات المتحدة بان اسرائيل تخضع وتقبل صيغة "الاتفاق المرحلي"، بغير عوض مصري.
كانت القضية بالنسبة للمؤسسة الاسرائيلية صدمة كبيرة وتركت عندها ذاكرة صادمة. فهي الى اليوم تحذر الحذر كله من اغضاب الراعية الاستعمارية.
وقعت اسرائيل بعد ثلاث سنين من الاتفاق المرحلي الذي أملته واشنطن، وبعد ست سنين من القرار الاحتفالي لمؤتمر الحزب الحاكم في شأن عدم اعادة أي أرض مما احتل في 1967، في كامب ديفيد في الولايات المتحدة، بتوجيه من الرئيس الامريكي كارتر، على اعادة شبه جزيرة سيناء كله حتى "آخر ذرة".
على خلفية المواجهات التي أخذت تقترب والمصالحات التي ستضطر حكومة نتنياهو الى الموافقة عليها على حساب "مبادئها" المعلنة، تحاول ان تصل انتباه ناخبيها الى الهدف الدائم: "العدو الداخلي". تكثر في الشهور الاخيرة اعمال التحرش بالجمهور الفلسطيني داخل اراضي 1948. يخرج رأس العنصرية خارجا بتشجيع هذه الحكومة. ينبغي الانتظام في نضال موحد، محليا وقطريا ازاء هدف حكومة اسرائيل هذا، لهزم السياسة العدوانية العنصرية.

دير ياسين، كفر قاسم، غيتو غزة

ثلاثة علائم طريق في العنوان تشكل ذرى في تواصل تاريخي صعب يشير الى الميزة الاساس للحركة الصهيونية ودولة اسرائيل. أهداف النظام الاستعماري العرقي – اليهودي تبقى خفية عن ناظر العالم، عن ناظر معظم المجتمع اليهودي بل وعن ناظر قسم كبير من الفلسطينيين. معظم الفلسطينيين من مواطني اسرائيل غير قادرين على التصديق بان طردهم الجسدي عن وطنهم هو جزء من الرؤيا الصهيونية الأساس، وذلك رغم تجربتهم المريرة ورغم أنهم سبق أن اجتازوا التطهير العرقي في أعقاب تقسيم فلسطين، السلب الكثيف للاراضي، قوانين التفرقة العنصرية (الابرتهايد)، التمييز المتواصل في كل المجالات، حرمان حق العودة وسلسلة طويلة من المذابح التي ذكر هنا بعضها فقط.
في السنة الماضية تطرح المزيد فالمزيد من القوانين المناهضة للديمقراطية الموجهة بأسرها ضد الفلسطينيين المتواجدين في مناطق الـ 48. وتشكل هذه القوانين تحديا علنيا واستفزازا هدفه الوحيد محاولة لتحفيز رد فعل فلسطيني يبرر العنف من جانب الدولة: بدءا من القانون الذي يحظر رفض اسرائيل كدولة يهودية، وانتهاءا بالقانون الذي يجعل احياء النكبة غير شرعي بالنسبة للمؤسسات الفلسطينية في اسرائيل.
عندما ستقر الاغلبية الائتلافية المضمونة هذه القوانين فانها ستنضم الى التعديل رقم 7 على القانون الاساس للكنيست الذي يحظر تشكيل قوائم تعارض تعريف اسرائيل كدولة "الشعب اليهودي"؛ وتعديل قانون "المواطنة الذي يحظر على الازواج الفلسطينيين من مواطني اسرائيل سكان الـ 48 العيش مع ازواجهم في وطنهم. الحريات الديمقراطية والمدنية الاسرائيلية بات منذ زمن بعيد نكتة بائسة وفارغة من المضمون بالنسبة للمواطنين الفلسطينيين.
كتحصيل حاصل لمفهوم "الدولة اليهودية" فان مواطنيها الفلسطينيين يعتبرون بالضرورة العدو في الداخل. وفي أوساط هذا "العدو" أقامت الدولة وحدات من "المستعربين" نوع من الكوماندو للشرطة السرية السياسية، على نمط أكثر الانظمة ظلامية. فهل يمكن للانسان النزيه، سواء كان عربيا، يهودا أم أي انسان آخر، أن يوافق على وجود مثل هذه الدولة؟
الجواب هو: لا!. "الدولة اليهودية" يجب أن تستبدل بدولة علمانية وديمقراطية في كل أرض فلسطين التاريخية. جمهورية مساواة تعيد اللاجئين وتخلق هنا قومية حديثة تتشكل من العرب واليهود ذوي الحقوق المتساوية. في كل المجالات، حقوق الانسان، حقوق المواطن والحقوق الجماعية. هذا هو الكفاح الوحيد الذي يمكنه أن يلبي احتياجات كل سكان فلسطيني التاريخية. هكذا فقط يممنع وضع يؤدي بالضرورة الى التمييز، السلب، المذابح والتطهيرات العرقية.


تشرين الاول 2009

سفيرة اسرائيل في الامم المتحدة تذرف دموع التماسيح

بعد أن تبنى مجلس الامم المتحدة لحقوق الانسان تقرير غولدستون شرعت سفيرة اسرائيل في هذه المؤسسة بهجوم بكائي وابتزازي على مجلس حقوق الانسان. وقالت السفيرة أمس ان "اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يميز ضدها المجلس وتنتقدها اكثر من باقي دول العالم".
يجدر بنا أن نذكر السفيرة المبجلة بما تتميز به اسرائيل حقا كفريدة من نوعها في العالم.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت زعما بناء على قرار الامم المتحدة ولكن لما كان هذا القرار تضمن اقامة دولتين في فلسطين، دولة يهودية ودولة عربية، فقد انتهكت اسرائيل هذا القرار واحتلت معظم الاراضي الاقليمية التي كان ينبغي أن تقوم عليها الدولة العربية.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي قامت على خرائب شعب آخر، والتي طردت من الاراضي التي سيطرت عليها ثلثي الشعب الاصيل الذي كان يعيش فيها وجعلتهم لاجئين وهي ترفض السماح بعودتهم الى وطنهم خلافا لقرار الامم المتحدة.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي جعلت الشعب الاصيل التي استوطنت بلاده "اجانب" تفرض عليهم قوانين الهجرة الخاصة بها وكأنهم جاءوا من خلف جبال الظلام.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي أدت الى الغاء القرار العادل التي اتخذته الامم المتحدة – القرار الذي قضى بان الصهيونية هي العنصرية.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي اخترعت شعبا يكون السبيل الوحيد للانضمام اليه هو من خلال طقس ديني.
· اسرائيل هي اليوم الدولة الوحيدة في العالم التي تقيم نظام ابرتهايد يميز ضد مواطنيها غير اليهود بجملة كاملة من القوانين، بما في ذلك قواعد الملكية، قوانين المواطنة والانظمة الامنية.
· اسرائيل هي في واقع الامر الظاهرة الوحيدة في العالم لجيش يوجد له دولة، قادته يتدخلون بشكل فظ في كل خطوة لانهاء النزاع من شأنها أن تحطم مصدر لقمة الجنرالات.
· اسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي بدلا من أن تحافظ في حروبها المبادر اليها على قواعد انسانية تحاول أن تقنع العالم بانها تستحق قوانين حرب مغايرة، اكثر راحة لا تعرف بعد اليوم القتل لغير اليهود كجريمة.

سفيرة اسرائيل في الامم المتحدة تحاول أن تقدم نفسها وباعثيها كالطفل الهولندي الصغير من الاساطير، الذي يحاول وقف الطوفان بدس اصبعه في الثقب الذي في السد. الحقيقة هي أن الاصبع الوحيدة التي تقترحها اسرائيل على العالم في كل ما يتعلق بالمشاكل غير السهلة التي يتردد فيها، هي اصبع الديناميت.

ايلي امينوف
31 تشرين الاول 2009

التقسيم بدأ في ميونخ

بقلم: ايلي امينوف

قبل 62 سنة، في 29 تشرين الثاني 1947 قررت الجمعية العمومية للامم المتحدة تقسيم فلسطين الى دولتين: دولة يهودية ودولة عربية. وهكذا وضع حد لوجود الشعب الفلسطيني الذي نشأ في وطنه، لوحدته ومستقبله. في نهاية الحرب الاهلية التي اندلعت في فلسطين في اعقاب قرار الامم المتحدة تشتت الشعب الفلسطيني وتمزق إربا. معظم الفلسطينيين اصبحوا لاجئين وتقاسم اراضيهم الحركة الصهيونية ومملكة شرقي الاردن للامير عبدالله.
قرار الامم المتحدة، كما يجدر بالذكر، اتخذ بضغط القوى العظمى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، وكان بوسعها أن تمارس قوة نفوذها على كل الدول الاعضاء في الهيئة التي خلفت عصبة الامم. ورأت القوى العظمى في الامم المتحدة مؤسسة لترتيب توزيع غنائم السلب العالمي بعد الحرب وحل "المشكلة اليهودية" كان من ناحيتها خطوة ضرورية لانهاء القضية المحرجة من ناحيتها من حيث أنها لم تفعل ما يكفي كي تمنع قتل الشعب الفظيع الذي وقع على ارض اوروبا.
الحجة الصهيونية الخالدة ضد الفلسطينيين هي انكم "خسرتم بلادكم لانكم عارضتم التقسيم". وبالفعل، الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب الفلسطيني رفضوا عن حق الاقتراح بالتخلي عن قسم من بلادهم من أجل حل مشكلة اوروبية. ومن المهم لنا ان نتذكر ايضا بانه قبل عشر سنوات من ذلك، عندما اقترحت لجنة "بيل" المؤيدة للصهيونية، تقسيم فلسطين بين السكان الاصليين وبين المهاجرين، عارض الصهاينة لان بريطانيا لم توافق على تنفيذ ترحيل لـ 300 الف فلسطيني من الاراضي التي خصصت للدولة اليهودية.
الخطة الاصلية لفلسطين قامت وفقا لقرار الامم المتحدة ومبادىء المنظمة لانهاء الانتداب البريطاني ومنح الاستقلال لفلسطين التي سيعيش فيها كل سكانها بنظام ديمقراطي. على هذه الفكرة وافق الفلسطينيون، ولكن الصهاينة الذين تطلعوا لان يقيموا في فلسطين دولة لليهود فقط عارضوا ذلك بشدة. ولشدة المفاجأة قبلت القوى العظمى المطالب الصهيونية وقررت تقسيم فلسطين وتخصيص اكثر من نصفها لليهود الذين شكلوا ثلث سكان البلاد.
توجد أوجه شبه مفاجئة بين القرار التعسفي للقوى العظمى لتقسيم فلسطين على أمل أن تحافظ الخطوة على مصالحها في الشرق الاوسط، وبين قرار آخر لمجموعة من القوى العظمى اتخذ قبل تسع سنوات من ذلك في ميونخ. في 29 تشرين الثاني 1938، اجتمع في هذه المدينة قادة القوى العظمى، بريطانيا، فرنسا، المانيا وايطاليا وقرروا تقسيم تشيكوسلوفاكيا. القسم الذي ضم اساسا مستوطنين المان – اقليم السودات – فصل عن تشيكوسلوفاكيا من أجل "انقاذ السلام" وحق تقرير المصير للمهاجرين الالمان دون مراعاة باقي سكان الدولة.
بالنسبة للقوى العظمى التي وقعت على اتفاقات يالطا فان اقامة الغيتو اليهودي في الشرق الاوسط كان يفترض به ان يبقي الشرق العربي في وضع من الانقسام والتشتت وان اقامة دولة عربية موحدة مثلما وعدت بريطانيا العرب في الحرب العالمية الاولى. الاتحاد السوفييتي الذي كان الداعم الاكبر للحركة الصهيونية في 1947 تعاون بحماسة مع اقامة القلعة الجديدة للامبراطية في قلب العالم العربي، بل ان ستالين وفر للصهاينة السلاح في شهر نيسان 1948، في "صفقة السلاح التشيكية" التي حسمت مصير الحرب في صالح اليهود وقررت مصير الفلسطينيين بالكارثة، المنفى وفقدان الوطن.
ذاك القرار البائس قبل 62 سنة لا يزال ينزف في فلسطين وفي محيطها وهو سبب كل جداول الدم التي سالت هنا منذئذ. هذه المذبحة المتواصلة يمكن وقفها بالغاء قرار التقسيم، باستبدال الدولة اليهودية بجمهورية علمانية ديمقراطية في كل اراضي البلاد، باعادة اللاجئين وبناء نظام من المساواة الكاملة بين العناصر المختلفة من السكان.

تشرين الثاني 2009
ايلي امينوف هو عضو من أجل دولة علمانية ديمقراطية في كل البلاد