في الإمبراطورية القيصرية حيث تربى معظم زعماء الصهيونية وتبلورت فيها مذاهبهم، كانت اللاسامية إحدى وسائل الدفاع الواضحة للنظام المتخلف. فكلما كان يبرز تهديد داخلي ما على النظام، استياء شعبي أو فضائح تتعلق بالقيادة السياسية، كانت الشرطة السياسية السرية – الهيئة الموازية للمخابرات الاسرائيلية – تنظم تحريضا ضد اليهود. وكان الشعار الدارج: "اضربوا اليهود وأنقذوا روسيا". ونظمت الدولة اللاسامية الاعتداءات الجماعية، وأصدرت مراسيم تعسفية وفرضت قيودا، ونسجت افتراءات وتشهيرات وحاولت صرف انتباه الجماهير عن أعمال الحكومة وتوجيه غضبهم نحو أقلية قومية.
ومثل القيادة البروفسلافية في روسيا التي دافعت عن امتيازات طبقة النبلاء الروسية، تستخدم القيادة اليهودية في إسرائيل جهاز الظلام الموضوع تحت تصرفها، لإشعال الكراهية ضد الأقلية القومية لاعتبارات سياسية داخلية.
وحيال الضغط الأمريكي الذي يطالب بإجراء مفاوضات مع الفلسطينيين يحاول المسؤولون عن أمن دولة الابرتهايد إخافة وإسكات الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، غير التابعين للسلطة الفلسطينية، ويعارضون خضوعها للاملاءات الاسرائيلية. كجزء من ذاك الإرهاب الداخلي ضد السكان الأقلية، نسج جهاز الامن العام "الشاباك" – المخابرات حبكة مغرضة وشريرة. الشخصيتان العامتان أمير مخول ود. عمر سعيد اعتقلا كمشبوهين "بالتجسس"، بمعنى أننا مطالبون بان نصدق ما زعم بانه كان لديهما أسرار أمنية لدولة إسرائيل وسلماها الى العدو! ومنع عنهما حق اللقاء بالمحامين ويجري التحقيق معهما لدى المخابرات – ذاك الجهاز الذي على مدى سنوات طويلة عني بتعذيب وقتل الفلسطينيين وانكشف غير مرة في المحاكم كمن كذب ولفق الأدلة. المسؤولون عن هذه الجرائم ضد الديمقراطية لم يعاقبوا أبدا بل ولم يقدموا الى المحاكمة.
نحن لا نصدق الحبكات التي نسجتها المخابرات. نحن لا نصدق بان شخصيتين عامتين عربيتين تجاوزتا القانون ضد التجسس وهما لم يعملا أبدا في هيئة الأركان أو في وزارة الدفاع. خطيئتهما هي في أنهما يطلبان بان تصبح الدولة التي هما مواطنان فيها دولة ديمقراطية. وهما مثلنا يعارضان الصهيونية ويريان فيها أيديولوجيا عنصرية تؤدي بالضرورة الى ممارسة التطهير العرقي وحرمان أبناء البلاد الأصليين من حقوقهم.
الحبكة ضد أمير مخول ود. عمر سعيد واعتقالهما الطويل لا ترمي إلا الى هدف واحد: تسميم الرأي العام ومنع التعاون بين اليهود والعرب ضد الابرتهايد والقمع. مثل هذا التعاون ينال الزخم رغم أنف السلطات في إسرائيل، في أرجاء البلاد: في أحياء مختلفة في الشيخ جراح، في القرى البدوية في النقب، في يافا، في بلعين، في اللد، في نعلين وفي بؤر أخرى من الابرتهايد. السكان اليهود والفلسطينيون غير مستعدين بعد اليوم للسماح لأجهزة الظلام بان تعربد وان تنكل بالأبرياء لتخدم طريقة حكم سياسية شريرة مر زمنها. عهود الاعتداءات الجماعية المنظمة، كما ينبغي لنا أن نأمل، قضت نحبها. يجب تحرير د. عمر سعيد وأمير مخول وإلغاء الحبكة بحقهما.
אין תגובות:
הוסף רשומת תגובה