יום שישי, 8 ביולי 2011

المؤسسة الصهيونية – الحجر ألأساسي في النظام الإمبريالي في المشرق

تشكل دولة إسرائيل منذ عام 1948 آلية عسكرية لديها دولة. الجيش وأجهزة الاستخبارات هي العمود الفقري الذي تنتظم هياكل الدولة المختلفة حوله، بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع. وفقط في هذا الشكل تمّ تأسيس هذه الدولة. وكان السبب من تأسيسها هو لتكون بمثابة الحجر الأساسي وحجر الزاوية في النظام الإمبريالي في المشرق. وكل وجودها مبني على أن تكون حصنا مركزيا للحفاظ على مصالح الإمبريالية، وقوتها العسكرية هي السبب الوحيد لوجودها.

بتاريخ 2 نوفمبر/تشرين ثاني 1917، وعندما كانت فلسطين لا تزال تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية، قامت الإمبريالية البريطانية ببسط حمايتها على المشروع الصهيوني في فلسطين. وينص التصريح الواضح الذي تمّ إصداره في هذا التاريخ بأن بريطانيا سوف تقوم بدمج المشروع الصهيوني في استراتيجيتها السياسية، وذلك بعد قيامها باحتلال هذه المنطقة. وكان المشرق يمثل لبريطانيا طريقا ومعبرا للشرق، وذلك من الإمبراطورية الهندية "جوهرة" الاستعمار البريطاني وحتى مستعمراتها في الصين بما في ذلك هونغ كونغ. وكانت قناة السويس والبحر الأحمر في مركز الفضاء الإمبريالي، لأنه الطريق المؤدي إلى المستعمرات البريطانية في شرق أفريقيا المتواجدة على شواطئ المحيط الهندي.

بالإضافة إلى دعمها للصهيونية فقد قامت الإمبريالية البريطانية بتنظيم "الثورة العربية الكبرى" ضد العثمانيين، وكونت بذلك قوة عسكرية تمّ استخدامها كقوة مساعدة للقيام باحتلال المنطقة. وقد ضمن الاتفاق الذي عقد بين مكمهون (حاكم مصر) وفيصل (حاكم الحجاز) سيطرة الأخير على جزء كبيرا من المنطقة. وقد أصبحت العائلة الهاشمية دعامة أساسية ثانية في المبنى الذي شيدته بريطانيا في المنطقة. وفي وقت لاحق أصبحت سلالة الهاشميين في شرق الأردن (المملكة الأردنية الهاشمية) والمؤسسة الصهيونية حلفاء الاستراتيجيون.

حتى عام 1940 كان المشروع الصهيوني في فلسطين أداة للحكم الاستعماري. وقد عملت الميليشيا التي قامت بريطانيا بتأسيسها، ال"هاغاناه"، بالتعاون مع قوات الأمن التابعة لسلطة الانتداب. في عام 1936 اندلعت الثورة العربية في فلسطين والتي استمرت حتى عام 1939. وقد قام ضابط المخابرات البريطانية "فينغيت" بتأسيس مجموعة وحدات كوماندوز من أفراد ال"هاغاناه"، التي شُكلت لتكون بمثابة رأس الحربة في عملية قمع التمرد. وقد انبثقت عن "كتائب الليل" التابعة ل "فينغيت" القوة الضاربة التابعة للميليشيات الصهيونية، ألا وهي ال"بالماخ". وكانت الشركات التي قامت المنظمة الصهيونية بإنشائها سلاحا مهما في كسر الإضراب العام.

خلال فترة الحرب العالمية الثانية وضعت قيادة المستعمرات الصهيونية نفسها تحت تصرف جهود الحرب الإمبريالية البريطانية، حيث قامت بحشد وتجنيد قوات ودمجها في الجيش البريطاني ("اللواء اليهودي"). كذلك قامت هذه القيادة بإرسال عدد من الأشخاص المدربين لأغراض التجسس وبإنزالهم بالمظلات في أوروبا المحتلة. في الوقت نفسه قام الجناح المنشق عن ال"هاغاناه" الصهيونية، "ليحي"، بالتواصل مع القوة الإمبريالية الثانية، ألا وهي ألمانيا التي كانت تحت الحكم النازي. أما المنظمة المنشقة الثانية، ألا وهي "أيتسيل"، فقد حاولت مبكرا، وذلك في سنوات الثلاثينات، التواصل مع الإمبريالية المعارضة الأخرى، وهي إيطاليا التي كان يسيطر عليها النظام الفاشي.

لقد حول التدريب والتأهيل العسكري الذي تلقاه جنود المستعمرات الصهيونية وضباطهم منذ بداية عام 1936 وخلال الحرب العالمية الثانية، وكذلك الخبرة العملية التي اكتسبها هؤلاء تحت القيادة البريطانية ميليشيا ال"هاغاناه"، إلى قوة عسكرية ذات مزايا وتفوق استراتيجي وتكتيكي في المنطقة. في حرب عام 1948 كان لمليشيا ال"هاغاناه" تفوق عددي في الأفراد سواء على مجموعات المقاومة الفلسطينية أم على جيوش الدول العربية.

اقتصاد المستعمرات الصهيونية ("يشوف")

قامت المؤسسة الصهيونية بإنشاء اقتصاد مغلق ومنع الشركات التابعة لها من التعامل مع السكان الفلسطينيين. وقد أدى هذا الاقتصاد المغلق، والذي كان يتمّ دعمه وتمويله من قبل مصادر وجهات مالية خارجية ضخمة نسبيا، إلى منع وتأخر قيام طبقة برجوازية صغيرة وطبقة برجوازية فلسطينية، بحيث أنه لم يكن باستطاعة المعامل والمتاجر الفلسطينية منافسة الشركات التابعة للمستوطنات الصهيونية.

تحت شعار "فداء الأرض" قامت المؤسسات المالية التابعة للمنظمة الصهيونية، والتي كانت تتلقى الدعم المالي من أرباب رؤوس أموال في الخارج مؤيدون للمشروع الصهيوني، بشراء الأراضي في فلسطين وذلك من الأفنديين الذين كانوا مُلاك لهذه الأراضي من الناحية القانونية والذين كانوا في العادة يقومون بجباية الضرائب من الفلاحين سكان القرى. وقد قامت الشرطة التابعة لسلطات الانتداب البريطاني بطرد هؤلاء الفلاحين من قراهم وتهجيرهم من الأراضي التي كانوا يفلحونها. وقد قامت قيادة الحركة الصهيونية بتصفية وإبادة طبقة الفلاحين الفلسطينية بكل الوسائل وبشكل منهجي. وهكذا تمّ وعلى مدى 45 عام القيام بتنفيذ التطهير العرقي الأول في البلاد. وقد التحق وانضم الفلاحين الذين هُجروا من قراهم وفقدوا أراضيهم في كثير من الأحيان إلى المقاومين (أو إلى "العصابات"، كما كان يسميها الحكم البريطاني والقيادة الصهيونية).

تحت شعار "العمل العبري" (=اليهودي) المتبع من قبل "اتحاد العمال اليهود"، -الذي كان بدوره يتنكر في زي "جمعية مهنية" لكنه في الحقيقة كان يخدم سياسة التطهير العرقي-، تمّ طرد العمال الفلسطينيين من وظائفهم. وقد سعى قادة ال"هستدروت" لدى سلطات الانتداب البريطاني من اجل حثها على توظيف اليهود فقط من قبل هذه السلطات، على سبيل المثال في مجال تعبيد الطرق وبماء السكك الحديدية. مع اندلاع الإضراب العام ضد الانتداب البريطاني في عام 1936 وخلال الثلاث سنوات لاستمراره قامت ال"هستدروت" بتوفير خدمات لتقويض الإضراب، حيث قامت بتجنيد عمال يهود ووضعهم تحت تصرف السلطات لغرض استبدال العمال الفلسطينيين المضربين. وبهذا فقد هؤلاء أماكن عملهم. ومن بين أمور كثيرة فقد تمّ تشييد ميناء تل أبيب من قبل البريطانيين والمنظمات الصهيونية ليحل محل ميناء يافا المُضرب. وقد أدى الإبعاد المنهجي للعمال المحليين من أماكن عملهم إلى تقويض نشوء طبقة عمال فلسطينية. وبذلك فقد تمّ عرقلة النضال الوطني التحرري للشعب الفلسطيني الذي كان من الممكن أن تقوم به الطبقة الاجتماعية الوحيدة التي كان بإمكانها قيادة هذا الشعب إلى الاستقلال والسيادة الوطنية.

قرار تقسيم البلاد الصادر عن الأمم المتحدة

في عام 1945 وعام 1946 وُقعت اتفاقيات يالطا وبوتسدام بين القوى الإمبريالية، إلا وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من جهة وبين البيروقراطية الحاكمة في الكرملين. وقد تمّ في هذه الاتفاقيات توزيع مناطق السيطرة في العالم مع تجاهل تام لإرادة الشعوب. وكان قرار تقسيم فلسطين الصادر بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين ثاني 1947 مرحلة وخطوة أخرى في عملية تنفيذ التحالف بين الإمبريالية والبيروقراطية الستالينية. ولم يقم هذا القرار بأخذ طموحات وتطلعات سكان البلاد بعين الاعتبار والذين كانوا في غالبيتهم الساحقة (الثلثين) يعارضونه بشدة، وإنما فقط مصالح الدول العظمى.

لقد كانت النكبة نتيجة مأساوية وحتمية لقرار التقسيم. إلغاء هذا القرار ونتائجه هي المهمة الأكثر أهمية للجماهير في المنطقة.

يجب التذكير بأن البيروقراطية الستالينية كانت القوة الرئيسية في عملية صنع قرار التقسيم. وقد عبّر خطاب غروميكو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن التضامن الكامل مع أهداف الصهيونية في فلسطين. والاتحاد السوفييتي كان أيضا أول دولة تعترف بإسرائيل وقام بتسليحها وكان أيضا، ولمرة أخرى، الدولة الأولى التي دعمت قبول إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة.

لقد قامت "عصبة التحرير الوطني"، الفصيل العربي للحزب "الشيوعي" الفلسطيني، بين عشية وضحاها بالتنكر لبرنامجه السياسي الداعي إلى إقامة "دولة ثنائية القومية" في فلسطين، وذلك بعد الأمر الذي تلقاه من موسكو بهذا الخصوص. وقد صرح عن تأييده لتقسيم فلسطين وإقامة "الدولة يهودية"(!). وخلال حرب عام 1948، في حين أن أعضاء الفصيل اليهودي في الحزب الشيوعي الفلسطيني كانوا يقاتلون في الجيش الإسرائيلي، كان أعضاء الفصيل العربي جواسيس ومخربين في خدمة"جيش الدفاع الإسرائيلي".

لقد قبلت إسرائيل كعضو في الأمم المتحدة على الرغم من انتهاكها الصارخ لقرار الأمم المتحدة بخصوص تقسيم فلسطين، والذي سمح بإنشاء غير شرعي لهذه الدولة من البداية، حيث أنها استولت على مناطق غير مخصصة لها في هذا القرار، كما أنها قامت بالتطهير العرقي ورفضت عودة اللاجئين إلى ديارهم في نهاية الحرب.

لقد نص قرار التقسيم على إقامة "دولة عربية" على 45% من مساحة فلسطين – من أجل 66% من السكان؛ وإقامة دولة يهودية على 55% من هذه المساحة – من اجل 33% من السكان. بدأت النكبة الفلسطينية مباشرة مع قرار الأمم المتحدة. فقط جزء صغير من المواطنين غادروا المنطقة التي كان من المفترض إعطاؤه " للدولة اليهودية "، والمعظم والغالبية تمّ طردهم.

بعد نهاية الانتداب ورحيل القوات البريطانية من البلاد دخلت جيوش الدول العربية المجاورة البلاد. وكان الهدف من ذلك هو الاستيلاء على المناطق المحددة " للدولة العربية "، ومنع قيام دولة فلسطينية، حتى لو كانت هذه الدولة لا تتعدى رسما كاريكاتوريا. كان هناك خطر من أن قيام دولة عربية فلسطينية سيوحي للجماهير بضرورة إقامة دولة حقيقية تتطابق حدودها مع حدود البلاد. هذه الدولة كان من شأنها تقويض كامل البنية التي وضعتها الإمبريالية في المنطقة والتي كانت الأنظمة العربية (في غالبها ملكية) جزء لا يتجزأ منها.

دخل الجيش المصري إلى البلاد وبدأ في السيطرة على الجزء الجنوبي الغربي من فلسطين، الذي كانت غزة تشكل المدينة الرئيسية فيه. تولى الجيش الأردني ("الفيلق العربي" بقيادة الضابط البريطاني المعروف غلوب باشا) السيطرة على الضفة الغربية وكان الجيش السوري على وشك الاستيلاء على الجليل. أما قوات المقاومة الفلسطينية فقد تمّ هزمها قبل ذلك.

منذ عام 1946 قام الملك عبد الله الأول، ملك شرق الأردن، بأجراء محادثات سرية مع ممثلي القيادة الصهيونية (في البداية مع الياهو ساسون، ثم مع غولدا مأيرسون (مأير). وفي هذه المفاوضات تمّ الاتفاق على مبادئ التسوية الخاصة بتقسيم فلسطين بعد نهاية الحرب التي ستنشب. مقابل الحصول على الاعتراف من القيادة الصهيونية (في وقت لاحق، من الحكومة الإسرائيلية) بضم الضفة الغربية لمملكة شرق الأردن قام الملك عبد الله بالاعتراف بسيطرة إسرائيل على بقية البلاد، بما في ذلك على منطقة المثلث الصغير الواقع في الضفة الغربية.

وكما قيل سالفا فقد كان للجيش الإسرائيلي تفوق عددي على جيوش الدول العربية. كما كان لديه تفوق في نوعية القوات والقيادة، التي تمّ تدريبها من قبل الجيش البريطاني، وتفوق واضح لنوعية وكمية المعدات القتالية. الكرملين، الذي كان يتضامن مع المشروع الصهيوني وموال له، قدم لمنظمة ال"هاغاناه" عن طريق تشيكوسلوفاكيا الأسلحة والطائرات والذخيرة.

تشكل دولة إسرائيل منذ عام 1948 آلية عسكرية لديها دولة. الجيش وأجهزة الاستخبارات هي العمود الفقري الذي تنتظم حوله هياكل الدولة المختلفة، بما في ذلك الاقتصاد والمجتمع. وفقط في هذا الشكل تمّ تأسيس هذه الدولة. وكان السبب من تأسيسها هو لتكون بمثابة الحجر الأساسي وحجر الزاوية في النظام الإمبريالي في المشرق. وكل وجودها مبني على أن تكون حصنا مركزيا للحفاظ على مصالح الإمبريالية، وقوتها العسكرية هي السبب الوحيد لوجودها.

الإمبريالية والصهيونية: لا تتطابق المصالح دائما مع بعضها البعض

بعد الحرب العالمية الثانية فقدت الإمبريالية البريطانية عظمتها ولم تعد قادرة على أن تتحمل عبء السيطرة المباشرة على المستعمرات في جميع أنحاء العالم. وفي عام 1946 أعطت بريطانيا الهند استقلالها، وخلال 5-6 سنوات قامت بعمل نفس الشيء في شرق وغرب أفريقيا. وحلت محلها الإمبريالية الأمريكية، التي كانت الرابح الأكبر في معسكر"الحلفاء"، حيث قامت ببسط نفوذها على هذه المناطق. وطبقا للنمط الأمريكي، فان السيطرة على هذه المناطق تكون سيطرة اقتصادية، مع حكومات تحت إشراف وثيق لواشنطن. أيضا في المشرق تمّ تغيير الأسياد لصالح الإمبريالية الأمريكية. كذلك كان الأمر في فلسطين، إذ انتقلت دولة إسرائيل إلى مجال نفوذ الولايات المتحدة.

دوافع الولايات المتحدة للسيطرة على الشرق الأوسط كانت مختلفة عن تلك التي كانت لدى بريطانيا. فقد كان الاهتمام والقلق البريطاني يتمثل في تأمين الممر البحري عبر قناة السويس والبحر الأحمر، الذي كان يربط بين المركز الواقع في الغرب والمستعمرات في شرق أفريقيا وأفغانستان والهند (والتي شملت آنذاك أيضا الباكستان وبنجلاديش) وبورما وماليزيا وسيلان (سريلنكا) والجيوب في الصين. النظام الذي قامت بريطانيا بوضعه في المشرق كان هدفه الحفاظ على "الطريق إلى الهند ".

لقد كانت هنالك ثلاث أسباب رئيسية أخرى لسيطرة الولايات المتحدة على المنطقة. السبب الأول: ملء الفراغ الذي ولده تراجع بريطانيا في خارطة النظام الإمبريالي العالمي. إذ أن الجماهير في المنطقة كانت تطمح إلى الاستيلاء على السلطة بالرغم من استياء الولايات المتحدة التي كانت تشعر بأنها مضطرة إلى منع إمكانية حدوث عملية من هذا القبيل. السبب الثاني: السيطرة على المنطقة كانت تهدف إلى الضغط على الدولة السوفييتية في إطار النظام الذي تمّ وضعه في اتفاقيات يالطا وبوتسدام. وبالطبع فإن السبب الثالث هو المهم والمعروف: واقع وجود معظم احتياط النفط في العالم في المشرق.

ومن قبيل المقارنة فإن الاستعمار البريطاني الكلاسيكي كان يعتمد على استيراد المواد الخام من المستعمرات وتصدير المنتجات المصنعة إلى المستعمرات. وقد كان هذا النظام مناسبا وملائما للمرحلة المبكرة من النظام الرأسمالي الذي كان يسود فيه رأس المال الصناعي. وفي المرحلة اللاحقة من الإمبريالية فان رأس المال المالي هو الذي يلعب الدور الأساسي والمهيمن في الأسلوب الاستعماري. الاستثمارات تنتج أرباحا طائلة من خلال إنتاج النفط من قبل الشركات التي تهيمن عليها الولايات المتحدة الأمريكية وتصديره إلى جميع أنحاء العالم. وعندما تمّ تعريف المشرق على انه منطقة تكمن وظيفتها في إنتاج النفط للإمبريالية الأمريكية العالمية وللعالم، فقد تمّ إعطاء النظام الصهيوني دور الحفاظ على الإنتاج المنتظم لهذا النفط لصالح رأس المال المالي الأمريكي والعالمي.

إن حالة الدولة الصهيونية هي فريدة من نوعها. فقد كان اعتمادها على الإمبريالية البريطانية بصورة مطلقة وكاملة. من دون جذور في المنطقة والبلاد ومع قيادة ومؤسسة تتألف من المهاجرين القادمين من قارات أخرى، فقد كان كل وجود الكيان الصهيوني معلقا في الخيط ألشوكي الذي كان يوصله بالدولة الاستعمارية العظمى. هذا الاتصال المباشر والمطلق وغير القابل للتغيير، انتقل وبطبيعة الحال إلى القوة العظمى الجديدة التي فرضت سيطرتها على المنطقة. في إطار الهيكل الجديد للنظام الإمبريالي، تمّ إناطة الدور نفسه لإسرائيل، الذي ورد ذكره في الفصل السابق: حجر الأساس والزاوية الذي تقوم الأنظمة العربية بحماية وجوده والإبقاء على أسسه. من دون حجر الأساس والزاوية هذا فان هنالك خطر بان ينهار النظام الإمبريالي.

هذا هو السبب الذي من أجله تقوم الإمبريالية الأمريكية بتغذية إسرائيل وبتقديم المساعدات السخية لها وبحمايتها في كل وضع من الممكن أن ينشأ في المنطقة. هذا لا يعني بان دفاع واشنطن عن إسرائيل من دون قيود. الإمبريالية تعطي الحماية في إطار تدابير التوازن العام لمصالحها في المشرق. وسيكون محور نظام التوازن الخاص بالإمبريالية دائما الحفاظ على النظام المعادي والمضاد للثورات الذي قامت بوضعه وبنائه والذي تمثل فيه إسرائيل المحور المركزي، ولكن فقط ومجرد جزء رئيسي. إذ انه من الممنوع أن تؤدي تصرفات إسرائيل إلى زعزعة هذا النظام. هذا هو التوازن الذي تحرص الإمبريالية العالمية على الحفاظ عليه.

يحصل النظام الصهيوني في كل عام على 3 مليارات دولار من واشنطن. معظم هذا المبلغ المالي لا يصل إلى هنا على الإطلاق. انه يُسخر للمشتريات العسكرية الإسرائيلية لدى مصانع الأسلحة والطيران في الولايات المتحدة ولتسديد الديون المصرفية المستحقة على إسرائيل في هذا البلد لاستكمال تمويل المشتريات في السنوات السابقة. ويقدم جزء صغير من التمويل الأمريكي للصناعة العسكرية الإسرائيلية. للتمويل الأمريكي آثار وعواقب حاسمة ومصيرية: أنه يربط الجيش الإسرائيلي بالولايات المتحدة ويرسخ تبعية النظام الصهيوني للإمبريالية المتحكمة في العالم فيما يتعلق بالنشر الاستراتيجي لهذه الإمبريالية في المنطقة. باختصار، هذه هي آلية أخرى تفرض على النظام الصهيوني – والذي يشكل الجيش جوهره - أن يكون سجين لا يساوره التشكيك في النظام الإمبريالي في المشرق. وسيكون بمثابة نقطة جذب لكراهية الجماهير في جميع أنحاء المنطقة.

الحفاظ على الاستقرار المُستمد من النظام السائد والمرتكز عليه هي الأولوية الأولى والاعتبار الأعلى في أنشطة الولايات المتحدة. الأعداء المباشرين لهذا النظام هم الجماهير التي تقوض هذا الاستقرار من خلال نضالها من أجل الحرية والاستقلال والديموقراطية ومن أجل نظام تسود فيه المساواة ولا يكون فيه مزيد من الاستغلال والقهر.

ليس للنظام الصهيوني يد حرة في التعامل مع الأمور، فهو يخضع للقيود المتواجدة في الإطار الذي فرض عليه وأملى له، ويجب أن يطيع وان يمتنع عن أية أفعال من شأنها أن تقوض استقرار النظام الإمبريالي. على سبيل المثال، فقد أمرت واشنطن إسرائيل في نوفمبر/تشرين ثاني 1956 بالانسحاب من شبه جزيرة سيناء – على الرغم من الأوهام بخصوص "مملكة إسرائيل الثالثة." . لقد قام الجيش الإسرائيلي بالانسحاب خلال ليلة واحده. في عام 1973، أجبر الأمريكيون إسرائيل على عدم تدمير وسحق الجيش الثالث المصري في سيناء، الذي كان محاصرا والتوقيع على اتفاقية لوقف إطلاق النار، في الوقت الذي يبدو أن إسرائيل كان لديها ميزة عسكرية. إملاء أمريكي أجبر حكومة بيغن في عام 1978 على توقيع اتفاقية إخلاء ثاني لسيناء والجلاء عنها. في عام 1993، وبهدف كسر الانتفاضة الأولى، أرغم الرئيس الأمريكي كلينتون إسرائيل على التوقيع على اتفاقية إنشاء "السلطة الفلسطينية" في جزء من أراضي ال67، على الرغم من سياستها القديمة والتي دامت لأعوام طويلة. وفي عام 2005، وبغرض كسر الانتفاضة الثانية، أمر الرئيس بوش الحكومة الإسرائيلية بالانسحاب من قطاع غزة.

جميع هذه الإملاءات كانت تهدف إلى وقف التدهور الخطير الذي بدا وكأنه يهدد النظام القائم، وكذلك إلى الحفاظ على المصالح الأساسية للنظام الصهيوني في إطار النظام القائم الذي يحميه.

الحركة الوطنية الفلسطينية

مع تأسيس حركة فتح في عام 1959 وتحويل منظمة التحرير الفلسطينية إلى منظمة حقيقية تتضامن معها الجماهير، بدأ فصل جديد في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية. طوال هذه الفترة، تحررت هذه الحركة من براثن الأنظمة العربية، وانتقلت إلى طريق الاستقلال السياسي في إطار العلاقة مع الأنظمة العربية. لكن الضغوط الخارجية، وخاصة تلك التي أتت من جانب الإمبريالية الأمريكية، أدّت إلى إضعاف وتدهور القيادة. أحداث أيلول الأسود في الأردن (1970) أدّت إلى تشتيت قوات منظمة التحرير الفلسطينية في جميع أنحاء المغرب والمشرق والى فقدان القاعدة الشعبية لمنظمة التحرير الفلسطينية. الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وسيطرة إسرائيل على مخيمات اللاجئين الفلسطينيين فتحت الطريق لأعمال القتل الجماعي. طرد وإجلاء القيادة الفلسطينية إلى تونس لسنوات عديدة بعد اجتياح لبنان جعل القدرة على المقاومة تتآكل تماما، الأمر الذي أدى بها إلى الاعتراف بتقسيم فلسطين في نوفمبر/تشرين ثاني 1988.

تمّ تمهيد الطريق إلى اتفاقيات أوسلو – واشنطن (سبتمبر/أيلول1993). الهدف والقصد منها كان خنق الانتفاضة الشاملة الأولى. حتى الآن – يوليو/حزيران 2011 – لم يتمّ تنفيذ بنود هذه الاتفاقيات. وفي هذه الأيام تقوم إسرائيل بالتهديدب "إلغاء" هذه الاتفاقيات بسبب المصالحة بين قيادة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقيادة حماس في غزة.

حتى يومنا هذا: البرنامج الوحيد الذي من الممكن أن يكون قاعدة من أجل الوصول حل لمشاكل هذه البلاد هو إقامة جمهورية علمانية وديمقراطية في كل فلسطين التاريخية، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى بلادهم وقراهم ومدنهم.

من أجل جمعية تأسيسية ديمقراطية وذات سيادة لكل فلسطين

قام النظام الصهيوني بإنشاء ما يسمى ب " الكنيست " وهي شكل منحط وهزيل من أشكال البرلمان. لا يمكن أن يتمّ انتخاب أشخاص ل" الكنيست " إلا أولائك الذين يقسمون بالولاء لمبادئ النظام الصهيوني. بالتالي فإنها لا تمثل مصالح الفلسطينيين الذين من المفترض أن يكونوا مواطنين في دولة إسرائيل. علاوة على ذلك فانه لا يمكن لسكان المناطق التي تمّ احتلالها في عام 1967 أن يشاركوا في انتخابات الكنيست أو أن يُرشحوا ويُنتخبوا إليها، على الرغم من انه يتمّ تطبيق جميع أحكام الكنيست وقوانينها عليهم وبالرغم من أن الحكومة المنتخبة من الكنيست تحدد مصيرهم وقدرهم في كل يوم وفي كل ساعة من حياتهم. وجود الكنيست الإسرائيلية ووجود الحكومة المُنتخبة من قبلها هي تذكير دائم بالحرمان من الحقوق الأساسية لسكان المناطق المحتلة في عام 67. هذه هي نفس الكنيست التي تنفي باستمرار حقوق اللاجئين وذريتهم الذين تم ترحيلهم من البلاد.

يجب أن يتمّ حلّ الكنيست وتشكيل جمعية تأسيسية يتمّ انتخابها والترشُح إليها من قبل كل سكان البلاد واللاجئين الذين غادروها. وتقوم هذه الجمعية بوضع مسألة إطار وقواعد الدولة على جدول أعمالها من أجل أن يتمّ وضع الأسس والقواعد لحل محنة فلسطين. وبهذا ينتهي تقسيم البلاد، الذي يشكل مصدر المآسي المستمرة حتى هذا اليوم. وهكذا يتمّ وضع إطار لجمهورية ديمقراطية وعلمانية في كل البلاد.

الجمهورية الديمقراطية معناها المساواة المطلقة بين جميع المواطنين والمواطنات في جميع مجالات حقوق المواطن وحقوق الإنسان؛ المساواة بين جميع اللغات وإرضاء جميع احتياجاتهن الثقافية والتربوية؛ احترام جميع الحريات العامة، حرية التعبير والتجمع والتنظيم.

دستور الجمهورية، الذي يتمّ وضعه من قبل الجمعية التأسيسية، يتضمن وثيقة الحقوق المدنية والحريات الفردية.

الجمهورية العلمانية هو ذلك النظام السياسي الذي لا يعرف المواطنون - المواطنات وفقا لانتماءاتهم/ن العرقية-الطائفية. الدولة تقيم وتأسس مع مواطنيها ومواطناتها علاقة مباشرة من دون وساطة على أساس طائفي. المؤسسات الطائفية، والتي يمكن للمواطنين الانضمام والانتساب إليها، يجب أن تقوم على أساس طوعي فقط وان لا تكون جزءا من نظام الدولة.

يجب فصل الدين عن الدولة والحالة المدنية. وينبغي للمؤسسات الدينية، أيا كانت، أن لا تتلقى أي تمويل من الدولة. ويجب على المؤسسات التعليمية التي تشكل جزءا من التعليم الإلزامي أن تكون تابعة للدولة فقط، وأن لا يتم فيها أي وعظ ديني. وفي هذا المعنى، يجب أن يكون التعليم علماني. أما خارج إطار التعليم الإلزامي، فان الطوائف على مختلف أنواعها تملك الحرية في إقامة أطُر ومؤسسات طوعية خاصة بها تقوم هي بوحدها بتمويلها. المبدأ الثابت يجب أن يكون: للتعليم العام – أموال عامة، للتعليم الخاص – أموال خاصة.

يتمّ في الجمهورية العلمانية والديمقراطية تطبيق هذا المبدأ في جميع مجالات الحياة الاجتماعية. الدين والطائفية ليست سوى شأن خاص بالفرد، ويتمّ تمويل المؤسسات الدينية فقط من قبل المجموعات الدينية والمؤمنين بها.

الفصل بين الدين والدولة والحالة المدنية هي التي تضمن المساواة بين المواطنين.

تأسيس الجمهورية العلمانية والديمقراطية في كل فلسطين التاريخية هو هدف وغرض فعّال يتعارض ويتناقض مع شعار "الدولتين"، الذي لا يُمثل إلا مجرد عودة إلى قرار التقسيم الذي جلب المصائب وتكرار له. الجمهورية العلمانية والديمقراطية تتعارض وتتناقض أيضا مع شعار "الدولة ثنائية القومية" أو "الدولة المشتركة" التي لا تشكل سوى نسخة أخرى من حل "الدولتين" . كل هذه الشعارات تبرر وتكرّس تصنيف وتقسيم المواطنين وفقا لمجموعات وطوائف عرقية ودينية. أن هذا تعريف وتصنيف غير ديمقراطي للمواطنة يهدف إلى وضع أسس وقواعد لإحلال وتكريس عدم المساواة.

النضال من أجل عقد الجمعية التأسيسية الديمقراطية وذات السيادة نحو تأسيس الجمهورية العلمانية والديمقراطية، يخلق محتوى حي وفرصة حقيقية من أجل الوصول إلى وحدة الشعب الفلسطيني ولصالح علاقاته التاريخية مع أرض فلسطين ولصالح تحقيق أهداف تحرير جميع أبناء الشعب الفلسطيني: العودة والحرية والمساواة وتقرير المصير من خلال رفض الاعتماد على الإمبريالية والارتباط بها.

تقوم الجمهورية العلمانية والديمقراطية بتحرير الوجود اليهودي في فلسطين من الطابع الاستعماري المرتبط ببرنامج الصهيونية العنصري، التي لا توجد لديها نية وغرض إلا أن تكون الذراع الطويل لتنفيذ الخطة الإمبريالية في المنطقة.

من وجهة وزاوية نظر الطبقة العاملة: إنشاء وتأسيس نقابة مستقلة وديمقراطية

في عام 1920 أسست المنظمة الصهيونية ما يُسمّى ب"الاتحاد العام للعمال العبرانيين [أي اليهود] في بلاد إسرائيل". في عام 1995 تم تغيير الاسم إلى " الاتحاد العام للعمال في إسرائيل". الاسم التاريخي لهذه الهيئة يدل على الطبيعة العنصرية لها. لا يمكن للعمال أن يشكلوا طبقة مضادة للبرجوازية ونظامها الرأسمالي إلا كفئة موحدة بعيدة عن الانشقاقات الذي يحاول نظام الاستغلال والاضطهاد إحداثها في طبقة العمال. إنشاء هيئة، التي ترفع على رايتها شعار يضع جزء من العمال ضد جزء آخر، يخدم بصورة مباشرة مصالح العدو الطبقي المشترك. الانقسام والانشقاق بين العمال يسبب ويقود بصورة حتمية إلى الاعتماد العضوي على هذا العدو، و"الهستدروت" هي هيئة وكائن يعمل في خدمة هذا العدو.

الصراع الطبقي، الذي يدور يوميا، ومدى وبُعد تطور الطبقة العاملة المنظمة في فلسطين يتطلبان إنشاء نقابة تكون موحدة ومستقلة. الوحدة هي شرط أساسي لاستقلالها، والاستقلال هو شرط أساسي من أجل الوحدة. هدف وغاية الوحدة هو أن تقوم هذه النقابة بتنظيم أعضائها على أساس المساواة الكاملة بينهم وان تقوم برفض واستبعاد أي احتمال لأي تقسيم على أساس عرقي-ديني أو. أي أساس آخر. التضامن الكامل والحقيقي هو شرط أساسي لنجاح النضال.

الاستقلال يعني أن النقابة لا تخضع إلا إلى إرادة أعضائها والى مصالحهم ومصالح كل الطبقة العاملة.

التنظيم المستقل للطبقة العاملة في البلاد هو هدف وغاية صعبة جدا، وذلك بسبب الشروط والظروف التي تمّ خلقها وإنشاؤها من قبل نظام الاستغلال والقهر الصهيوني، الذي جلب الانحلال والتفكك إلى داخل الطبقة العاملة. لكن تنظيم من هذا القبيل سوف يسمح بوضع الطبقة العاملة في مكانها المناسب في إطار النضال العام من أجل التحرر الوطني في فلسطين.

יום רביעי, 6 ביולי 2011

המפעל הציוני – האבן הראשה של הסדר האימפריאליסטי במשרק

מאז 1948 מתפקדת מדינת ישראל כמנגנון צבאי שיש לו מדינה. הצבא ושירותי המודיעין הם עמוד השדרה שסביבו מסתדרים המבנים הממלכתיים השונים, לרבות הכלכלה והחברה. כך נגזר על המדינה הזאת להתקיים. סיבת הקמתה הייתה כדי לשמש אבן ראשה של הסדר האימפריאליסטי במשרק. כל קיומה בנוי על היותה מבצר שמירה מרכזי על האינטרסים של האימפריאליזם, והכוח הצבאי שלה הוא סיבת קיומה היחידה.

ב-2 בנובמבר 1917, כאשר פלסטין היתה עדיין תחת שליטת האימפריה העותמנית, פרש האימפריאליזם הבריטי את חסותו על המפעל הציוני בארץ. בהצהרה ברורה נקבע כי אחרי שבריטניה תכבוש את המרחב, היא תשלב את המפעל הציוני באסטרטגיה הפוליטית שלה. המשרק היווה עבור בריטניה דרך מעבר למזרח, מהאימפריה ההודית, "פנינת" הקולוניאליזם הבריטי ועד מובלעותיה בסין, כולל הונג קונג. במרכזו של המרחב האימפריאלי שכנו תעלת סואץ והים האדום, הנתיב למושבות הבריטיות במזרח אפריקה שעל חוף האוקיינוס ההודי.

לצד התמיכה בציונות ארגן האימפריאליזם הבריטי את "המרד הערבי הגדול" נגד העות מנים, והעמיד כך כוח צבאי ששימש כחיל עזר במלחמה לכיבוש המרחב. הסכם מק מהון (מושל מצרים)-פייסל (שליט חיג'אז) הבטיח לאחרון שליטה בחלק נכבד מהאזור. משפחת ההאשמים הפכה לעמוד תווך שני במבנה שהקימה בריטניה באזור. לימים הפכו שושלת ההאשמים בממלכת עבר הירדן (וממלכת ירדן) והמפעל הציוני לבעלי ברית אסטרטגיים.

עד 1940 היה המפעל הציוני בפלסטין כלי שרת מסור של השלטון הקולוניאלי. המיליציה שהקים, "ההגנה", פעלה בשיתוף פעולה עם כוחות הביטחון של המנדט. ב-1936 פרץ בפלסטין המרד הערבי שנמשך עד 1939. קצין הביון האנגלי וינגייט הקים יחידות קומנדו מתוך "ההגנה", שמטרתן היתה להוות חוד חנית בדיכוי המרד. מ"פלוגות הלילה" של וינגייט יצא כוח המחץ של המיליציה הציונית, ה"פלמ"ח". החברות הכלכליות שהקים המפעל הציוני היו לנשק חשוב בשבירת השביתה הכללית.

בתקופת מלחה"ע השנייה הנהגת הקולוניה הציונית העמידה את עצמה לרשות המאמץ המלחמתי של האימפריאליזם הבריטי, גייסה כוחות שהשתלבו בצבאו ("הבריגדה היהודית"(, ושלחה מספר אנשים שהוכשרו למשימות ריגול והוצנחו באירופה הכבושה. באותו זמן, הפלג הפורש מההנהגה הציונית לח"י התחבר לאימפריאליזם היריב, גרמניה שתחת השלטון הנאצי. הארגון הפורש השני, אצ"ל, ביקש עוד בשנות ה-30 להתחבר לאימפריאליזם היריב האחר, איטליה שתחת השלטון הפשיסטי.

ההכשרה הצבאית שקיבלו חיילי היישוב הציוני וקציניו החל מ-1936 ובזמן המלחמה העולמית, והניסין המעשי שעברו בהדרכת הפיקוד הבריטי הפכו את "ההגנה" לכוח צבאי בעל עדיפות אסטרטגית וטקטית באיזור. במלחמת 1948 ל"הגנה" הייתה גם עדיפות מספרית הן על קבוצות הגרילה של הפלסטינים והן על צבאות המדינות הערביות.

המשק של הקולוניה הציונית ("היישוב")

המפעל הציוני קיים משק סגור, ואסר על החברות שלו לסחור עם תושבי הסביבה הפלסטינים. משק סגור זה, מוזן ע"י מקורות פיננסיים חיצוניים כבירים יחסית לנעשה בארץ, בלם ועיכב את התפתחותן של בורגנות וזעיר בורגנות פלסטיניות, שמפעליהן ובתי המסחר שלהן לא יכלו להתחרות עם החברות של היישוב הציוני.

תחת סיסמת "גאולת הקרקע" החברות הפיננסיות של המפעל הציוני, שקיבלו מימון מבעלי הון ומאוהדי המפעל בחו"ל רכשו בפלסטין קרקעות שבעליהן הרשמיים היו אפנדים שגבו מיסי אריסות מהפאלחין שבכפרים. הפאלחין גורשו מכפריהם, מהאדמות שעיבדו, ע"י משטרת המנדט הבריטי. מעמד האיכרים הפלסטינים חוסל באופן שיטתי ככל שניתן ע"י ההנהגה הציונית. כך בוצע משך כ-45 שנה טיהור אתני ראשוני בארץ. פלאחין מנושלים מאדמותיהם, מגורשים מכפריהם, הצטרפו לא פעם ליחידות פרטיזנים ("הכנופיות" בלשון השלטון הבריטי והמנהיגות הציונית).

תחת הסיסמה "עבודה עברית (=יהודית)" של "הסתדרות העובדים העבריים" שהתחזתה ל"איגוד מקצועי" אך למעשה שירתה מדיניות של טיהור אתני, סולקו פועלים פלסטינים ממקומות העבודה שלהם. ראשי "ההסתדרות" פעלו אצל שלטונות המנדט כדי שרק יהודים יועסקו על ידי השלטון, לדוגמה בסלילת כבישים ובניית מסילות הברזל. עם פרוץ השביתה הכללית נגד המנדט הבריטי ב-1936 ובמשך שלוש השנים שנמשכה שביתה זו "ההסתדרות" העניקה שירותי הפרת שביתה. הפועלים היהודים שגייסה הועמדו לרשות השלטונות והחליפו את הפועלים הפלסטינים השובתים. אלה האחרונים איבדו את מקומות העבודה שלהם. בין השאר, נמל תל-אביב הוקם ע"י הבריטים והיישוב הציוני כדי לשמש תחליף לנמל יפו השובת. סילוקם השיטתי של הפועלים הילידים ממקומות העבודה בלם את התגבשותו של מעמד פועלים פלסטיני. כך נמנעה הובלתו של המאבק לשחרור לאומי של העם הפלסטיני ע"י המעמד החברתי היחידי שהיה מסוגל להנהיג אותו לעצמאות וריבונות לאומיות.

החלטת האו"ם על חלוקת הארץ

ב-1945 ו-1946 נחתמו הסכמי יאלטה ופוסטדאם בין המעצמות האימפריאליסטיות, ארה"ב, בריטניה וצרפת, לבין הביורוקרטיה של הקרמלין. בהסכמים אלה הן חילקו ביניהן את השליטה באזורי העולם, תוך התעלמות גורפת מרצונם של העמים. החלטת האו"ם מה-29 בנובמבר 1947 על חלוקת פלסטין הייתה שלב נוסף ביישום הברית בין האימפריאליזם והביורוקרטיה של סטאלין. ההחלטה לא התחשבה כלל בשאיפותיה של האוכלוסייה של הארץ, אשר ברובה המכריע (שני שליש) התנגדה לה בתוקף, אלא נגזרה מהאינטרסים של המעצמות.

הנכבה הייתה תוצאה טרגית והכרחית של החלטת החלוקה. ביטולה של ההחלטה הזאת ותוצאותיה היא המשימה החשובה ביותר של ההמונים באזור.

יש לזכור שהביורוקרטיה הסטאליניסטית היתה הכוח המוביל בתהליך קבלת החלטת החלוקה. נאום גרומיקו בעצרת האו"מ ביטא הזדהות מוחלטת עם מטרות הציונות בפלסטין. ברה"מ הייתה גם המדינה הראשונה שהכירה במדינת ישראל, חימשה אותה ותמכה, שוב ראשונה, בקבלתה כחברה באו"ם.

"הליגה לשחרור לאומי", הפלג הערבי של המפלגה "הקומוניסטית" הפלסטינית, עזבה בלילה אחד, בעקבות פקודה שהגיעה ממוסקבה, את הפרוגרמה שלה בזכות הקמת "מדינה דו-לאומית" בפלסטין. היא הצהירה על תמיכתה בחלוקת פלסטין והקמתה של "המדינה היהודית"(!). בזמן מלחמת 1948, בעוד חברי הפלג היהודי במק"פ היו חיילים מסורים בצבא הישראלי, שימשו חברי הפלג הערבי מרגלים ומחבלים בשירות "צה"ל".

ישראל התקבלה כחברה באו"ם למרות שהפרה בצורה בוטה את החלטת האו"ם על חלוקת פלסטין, שאיפשרה את הקמתה הבלתי לגיטימית מלכתחילה, השתלטה על שטחים שלא יועדו לה בהחלטה זו, ביצעה טיהור אתני וסירבה להחזיר אזרחים פליטים לבתיהם בתום המלחמה.

החלטת החלוקה דיברה על הקמת "מדינה ערבית" ב-45% של שטח פלסטין – עבור 66% של האוכלוסייה; והקמת מדינה יהודית על 55% של השטח – עבור 33% של האוכלוסייה. הנכבה הפלסטינית התחילה מייד עם קבלת ההחלטה באו"ם. חלק קטן מהתושבים עזבו את השטח שעמד להימסר ל"מדינה היהודית", חלק הארי גורש.

ביום סופו של המנדט ועזיבת הכוחות הבריטיים את הארץ פלשו אליה צבאות המדינות הערביות השכנות. מטרתן היתה השתלטות על השטחים שיועדו ל"מדינה הערבית" ומניעת הקמתה של מדינת פלסטין, גם אם מדובר היה בקריקטורה של מדינה. הייתה סכנה שהקמתה של מדינה פלסטינית ערבית תסמן להמונים את הצורך להקים מדינה של ממש – שתחפוף את גבולות הארץ. מדינה הזאת הייתה מערערת את כל המבנה שהוקם ע"י האימפריאליזם במרחב, אשר המשטרים הערביים (לרוב מלוכניים) היו חלק ממנו.

הצבא המצרי פלש והתחיל להשתלט על החלק הדרום מערבי של פלסטין, שעירו הראשית היא עזה. הצבא העבר ירדני ("הלגיון הערבי" בראשות הקצין הבכיר הבריטי גלאב פאשה) השתלט על הגדה המערבית, והצבא הסורי התכוון להשתלט על הגליל. יחידות הפרטיזנים הפלסטינים כבר הובסו קודם לכן.

מאז 1946 ניהל עבדאללה הראשון מלך עבר הירדן מו"מ חשאי עם נציגי ההנהגה הציונית (תחילה עם אליהו ששון, ואחרי כן עם גולדה מאיירסון (מאיר). במו"מ זה סוכמו עיקרי ההסדר שיחלק את פלסטין , אחרי המלחמה שתפרוץ. תמורת הכרתה של ההנהגה הציונית (לימים, ממשלת ישראל) בסיפוח הגדה המערבית אל ממלכת עבר הירדן, הכיר עבדאללה בשליטה של ישראל על שאר חלקי הארץ, כולל שטח המשולש הקטן שבגדה המערבית.

כאמור לצבא הישראלי הייתה עדיפות מספרית על צבאות המדינות הערביות. היה לו יתרון גם באיכות הכוחות והפיקוד שהוכשרו ע"י הצבא הבריטי, ועדיפות ברורה בטיב ובכמות של ציוד הלחימה. הקרמלין, נאמן להזדהותו עם המפעל הציוני, סיפק לארגון ההגנה, דרך המדינה הצ'כוסלובקית, מטוסים, כלי יריה ותחמושת.

מאז 1948 מתפקדת מדינת ישראל כמנגנון צבאי שיש לו מדינה. הצבא ושירותי המודיעין הם עמוד השדרה שסביבו מסתדרים המבנים הממלכתיים השונים, לרבות הכלכלה והחברה. והרי כך נגזר על המדינה הזאת להתקיים. סיבת הקמתה הייתה כדי לשמש אבן ראשה של הסדר האימפריאליסטי במשרק. כל קיומה בנוי על היותה מבצר שמירה מרכזי על האינטרסים של האימפריאליזם. הכוח הצבאי שלה הוא סיבת קיומה היחידה.

חילופי משמרות בינאימפריאליסטיים

עם מלחה"ע השנייה איבד האימפריאליזם האנגלי את עוצמתו, ולא יכול היה עוד לשאת בנטל של שליטה ישירה על הקולוניות ברחבי העולם. ב-1946 העניק להודו את עצמאותה, ובתוך 5-6 שנים עשה כך גם באפריקה המזרחית והמערבית. במקומו בא האימפריאליזם האמריקאי, המנצח הגדול בתוך מחנה "בעלות הברית" במלחמה"ע -2,שהעביר לתחום השפעתו את האזורים האלה. במתכונת האמריקאית מדובר באזורים נשלטים כלכלית, עם ממשלות בפיקוח הדוק של וושינגטון. גם המשרק החליף אדונים לטובת האימפריאליזם האמריקאי. כך היה גם בפלסטין. מדינת ישראל עברה לתחום ההשפעה של ארה"ב.

המניעים של ארה"ב להשתלט על מרחב המזרח התיכון היו שונים מאלה של בריטניה. דאגתה של זאת הייתה נתונה למעבר הימי דרך תעלת סואץ וים סוף שקישר בין המטרופולין ששכן במערב לבין המושבות במזרח אפריקה, אפגניסטן, והודו (שכללה אז את פקיסטן, בנגלדש של ימינו), בורמה, מלזיה, ציילון (סרי-לנקה), והמובלעות בסין. המערכת שבנתה בריטניה במשרק הייתה אמורה לשמור על "הדרך להודו".

להשתלטות ארה"ב על האזור היו שלוש סיבות עיקריות אחרות. הראשונה: מילוי החלל הריק שסילוקה של בריטניה היה משאיר במפת הסדר האימפריאליסטי העולמי. ההמונים במרחב היו עשויים לשאוף לתפוס את השלטון למורת רוחה של ארצות הברית שראתה חובה לעצמה לחסום את האפשרות שיתפתח תהליך כזה. סיבה שניה: השליטה במרחב נועדה להפעיל לחץ על המדינה הסובייטית בתוך המערכת שהתנהלה אחר הסכמי יאלטה ופוטסדאם. וכמובן הסיבה השלישית החשובה והידועה: העובדה שבמשרק נמצא מלאי הנפט הגדול ביותר בעולם.

לשם השוואה, הקולוניאליזם הבריטי הקלאסי נשען על יבוא חומרי גלם מהמושבות ויצוא מוצרים מעובדים אל המושבות. מערכת הזיקה הזאת התאימה לשלב המוקדם של הקפיטליזם שבו שלט ההון התעשייתי. בשלב המאוחר יותר של האימפריאליזם ההון הפיננסי הוא הגורם הדומננטי בשיטה. ההשקעות מפיקות רווחי עתק מהפקת הנפט ע"י החברות שהמרכיב האמריקאי בהן הוא מכריע, והנפט מיוצא אל רחבי תבל. כאשר המשרק הוגדר כמרחב שתפקידו להפיק נפט עבור האימפריאליזם האמריקאי והעולמי, למשטר הציוני נועד תפקיד של מצודת השמירה על ההפקה הסדירה של הנפט הזה לטובת ההון הפיננסי האמריקאי והבינלאומי.

אימפריאליזם וציונות: אינטרסים לא תמיד זהים

המקרה של המדינה הציונית הוא מיוחד. תלותה באימפריאליזם הבריטי היתה מוחלטת. ללא שורשים באזור ובארץ, עם הנהגה וממסד המורכבים ממהגרים מיבשות אחרות, כל קיומה של היישות הציונית היה תלוי בחוט הטבור שחיבר אותה אל המעצמה הקולוניאלית. הזיקה הבלתי אמצעית הזאת, המוחלטת, והבלתי ניתנת לשינוי, עברה באורח טבעי אל המעצמה החדשה שקיבלה את השליטה באזור. במבנה החדש של הסדר האימפריאליסטי, נועד לישראל תפקיד זהה לזה שהותווה לה בפרק הקודם: אבן ראשה שהמשטרים הערביים מגינים על קיומה ועל אושיותיה והיא מפקחת עליהם. ללא האבן הראשה הזאת כל הסדר האימפריאליסטי מצוי בסכנה של קריסה.

זאת הסיבה שהאימפריאליזם האמריקאי מטפח את ישראל, מושיט לה סיוע נדיב ביותר, ומגן עליה בכל מצב שייווצר באזור. אין פירוש הדבר שהגנת וושינגטון על ישראל חסרת מגבלות. האימפריאליזם מעניק הגנה במסגרת השקלול הכולל של האינטרסים שלו במשרק. הציר המרכזי במערכת השקלול שלו יהיה תמיד השמירה על הסדר האנטי-מהפכני שבנה, ואשר ישראל היא החלק המרכזי בו, אבל רק חלק מרכזי. אסור שפעולותיה יגרמו לערעור הסדר הזה. זהו איזון שהאימפריאליזם העולמי אמון על שימורו.

המשטר הציוני מקבל בכל שנה מימןן של 3 מיליארד דולר מוושינגטון. רוב רובו של הסכום אינו מגיע לכאן כלל . הוא משרת את הרכישות הצבאיות הישראליות בתעשיות הנשק והתעופה בארה"ב ולהחזר חובות בשוק הבנקאי במדינה זו בגין השלמת מימון הרכש בשנים הקודמות. חלק קטן של המימון האמריקאי מוזרם לתעשייה הצבאית הישראלית. למימון האמריקאי השפעות גורליות : הוא מסנדל את הצבא הישראלי לארה"ב, מגבש את כפיפותו של המשטר הציוני לאימפריאליזם השליט בעולם בכל הנוגע להיערכות האסטרטגית שלו במרחב. בקיצור, זהו עוד מנגנון הגוזר על המשטר הציוני – שהצבא הוא ליבתו – להיות שבוי ללא עוררין של סדר האימפריאליסטי במשרק. ולשמש אבן שואבת לשנאת ההמונים בכל האזור.

שמירה על היציבות שנגזרת מהסדר השליט הינה השיקול העליון לפעילותה של ארצות הברית. אויביו הישירים של הסדר הזה הם ההמונים, המערערים את היציבות הזאת במאבק לחירות, לעצמאות, לדמוקרטיה, ולמען סדר של שוויון, שבו לא יהיו עוד ניצול ודיכוי.

למשטר הציוני אין יד חופשית, חלות עליו מגבלות המסגרת שהוכתבה לו, ועליו לציית ולהמנע ממעשים העלולים לערער את יציבות הסדר האימפריאליסטי. כך לדוגמה, בנובמבר 1956, וושינגטון הורתה לישראל לסגת מחצי האי סיני – למרות ההזיות על "מלכות ישראלית שלישית". הצבא הישראלי נסוג תוך לילה אחד. ב-1973 אילצו האמריקאים את ישראל להמנע מהשמדתה של הארמיה המצרית השלישית שהיתה לכודה בסיני, ולחתום על הפסקת אש במועד שבו נראה היה שיש לישראל ייתרון צבאי. תכתיב אמריקאי הביא את ממשלת בגין ב-1978 לחתום על פינוי שני מסיני. ב-1993, כדי לשבור את האינתיפאדה הראשונה, הביא נשיא ארה"ב קלינטון את ישראל לחתום, חרף מדיניותה משכבר הימים, על כינון "הרשות הפלסטינית" בחלק משטחי 67. ב-2005, על מנת לשבור אל האינתיפאדה השנייה, הנשיא בוש הורה לראש הממשלה הישראלי לסגת מרצועת עזה.

כל התכתיבים האלה נועדו לעצור התדרדרות חמורה שנראתה מאיימת על הסדר הקיים, ובתוך כך לשמור על האינטרס המהותי של המשטר הציוני בתוך הסדר הקיים המגן עליו.

התנועה הלאומית הפלסטינית

עם הקמת תנועת הפת"ח ב-1959 והפיכתו של אש"ף לארגון ממשי שההמונים הזדהו איתו, התחיל פרק חדש בתולדות התנועה הלאומית הפלסטינית. לאורך תקופה זו התנערה התנועה מאחיזתם של המשטרים הערביים, ועלתה על דרך העצמאות הפוליטית ביחס למשטרים הערביים. אולם לחצים חיצוניים, בעיקר מכיוון האימפריאליזם האמריקאי, הביאו לניוון ההנהגה. אירועי ספטמבר השחור בירדן (1970) הביאו לפיזור כוחות אש"ף ברחבי המגרב והמשרק, ולאובדן הבסיס העממי של אש"ף. הפלישה הישראלית ללבנון ב-1982 והשתלטות ישראל על מחנות הפליטים הפלסטינים, פתחו את הדרך למעשי טבח המוני. הגלייתה של ההנהגה הפלסטינית לתוניס לשנים רבות אחרי הפלישה ללבנון שחקה כליל את כושר התנגדותה, מה שהביא אותה להכיר בחלוקת פלסטין בנובמבר 1988.

הסכמי אוסלו-וושינגטון (ספטמבר 1993) יצאו לדרך. הם נועדו לחנוק את האינתיפאדה ההמונית הראשונה. עד היום – יוני 2011 – לשונם של הסכמים אלה לא מומשה... ובימים אלה ישראל מאיימת "לבטל" אותם בגין הפיוס של הנהגת הרשות הפלסטינית בגדה המערבית עם הנהגת החמאס בעזה.

גם כיום, הפרוגרמה היחידה האפשרית כבסיס לפתרון בעיות הארץ הזאת היא הקמת רפובליקה חילונית ודמוקרטית בכל פלסטין ההיסטורית, הכוללת את זכות הפליטים הפלסטינים לשוב לארצם וליישוביהם.

למען אסיפה מכוננת דמוקרטית וריבונית של כל פלסטין

המשטר הציוני הקים את ה"כנסת", גרסה מנוונת של פרלמנט. ל"כנסת" יכולים להיבחר רק אנשים שיישבעו אמונים לעקרונות של המשטר הציוני. היא אינה מייצגת על כן את האינטרסים של הפלסטינים האמורים להיות אזרחים של המדינה הישראלית. זאת ועוד, תושבי שטחי 1967 אינם רשאים להצביע לכנסת זאת או להבחר אליה, חרף העובדה שעליהם חלות כל הוראותיה וחוקיה, והממשלה הנבחרת על ידה קובעת את גורלם יום-יום ושעה-שעה. קיומה של כנסת ישראל וקיומה של ממשלתה הם תזכורת מתמדת לשלילת זכויות היסוד מאוכלוסיית שטחי 67. זוהי אותה כנסת השוללת בעקביות את זכויותיהם של הפליטים שגורשו מהארץ ושל צאצאיהם.

את הכנסת יש לפזר ולקיים אסיפה מכוננת שבה יבחרו ויוכלו להבחר כל בני הארץ ופליטיה. אסיפה זו תעלה על סדר יומה את שאלת מסגרת המדינה שתניח את היסודות לפתרון מצוקת פלסטין. כך תבוא לסיומה חלוקתה של הארץ, שהיא מקור הטרגדיות הנמשכות שלה. כך תוקם מסגרת לרפובליקה הדמוקרטית והחילונית של כל הארץ.

רפובליקה דמוקרטית פירושה שוויון מוחלט בין כל האזרחים-האזרחיות בכל תחומי זכויות האזרח והאדם. שוויון בין כל השפות וסיפוק צורכיהן התרבותיים. כיבוד כל החירויות הציבוריות, של ההבעה, של ההתכנסות, של ההתארגנות.

חוקת הרפובליקה, שתחוקק על-ידי האסיפה המכוננת, תכיל מגילה של הזכויות האזרחיות ושל חירויות הפרט.

רפובליקה חילונית היא אותו משטר פוליטי אשר אינו מגדיר את האזרחים-יות על פי מוצאם האתני-עדתי. המדינה מקיימת עם אזרחיה ואזרחיותיה זיקה ישירה ללא תיווך של שיוך ביניים עדתי. מוסדות עדתיים, שאליהם אזרחים עשויים להצטרף, מתקיימים על בסיס וולונטרי בלבד, ואינם חלק מהמערכת הממלכתית.

את הדת יש להפריד מהמדינה ומהמעמד האזרחי. מוסדות הדת, יהיו אשר יהיו, אינם אמורים לקבל כל מימון מקופת המדינה. מוסדות החינוך במסגרת חינוך החובה חייבים להיות ממלכתיים בלבד, ולא תתנהל בהם כל הטפה דתית. במובן זה, החינוך יהיה חילוני. מחוץ למסגרות מוסדוח חינוך החובה, העדות למיניהן חופשיות לקיים מסגרות וולונטריות משלהן במימונן בלבד. עיקרןן הברזל הוא : לחינוך הציבורי – כסף ציבורי, לחינוך הפרטי – כסף פרטי.

ברפובליקה החילונית והדמוקרטית, עיקרון זה שווה לכל תחומי החיים החברתיים. הדת, וכל עניין עדתי, הם עניינו של הפרט בלבד, ומוסדות הדת ימומנו ע"י קהילות המאמינים בלבד.

הפרדת הדת מהמדינה ומהמעמד האזרחי היא ערובה איתנה לשוויון בין האזרחים.

הקמתה של הרפובליקה החילונית והדמוקרטית בכל פלסטין ההיסטורית היא מטרת פעולה העומדת בניגוד לסיסמה של "שתי מדינות ", שאיננה אלא חזרה על החלטת החלוקה הרת האסון. רפובליקה חילונית ודמוקרטית עומדת בניגוד גם לסיסמת "המדינה הדו-לאומית" או "המדינה המשותפת", שאינה אלא גירסה נוספת של "שתי המדינות". כל הסיסמאות האלה מקדשות את סיווגם וחלוקתם של האזרחים על פי עדות אתניות ודתיות. אלה הן הגדרות של אזרחות אנטי-דמוקרטיות, הבאות להניח יסודות לאי שוויון.

המאבק לכינוס האסיפה המכוננת הדמוקרטית והריבונית, לקראת הקמת הרפובליקה החילונית והדמוקרטית, יצוק תוכן חי לאחדותו של העם הפלסטיני, לקשר ההיסטורי שלו עם אדמת פלסטין, ולמטרות השחרור של כל בני העם הפלסטיני: שיבה, חרות, שיוויון וזכות הגדרה עצמית תוך שלילת התלות באימפריאליזם.

הרפובליקה החילונית והדמוקרטית תשחרר את הנוכחות היהודית בפלסטין מן האופי הקולוניאלי הקשור בפרוגרמה הציונית הגזענית שכל כוונתה לשמש זרוע ארוכה של התכנית האימפריאליסטית באזור.

מהפרספקטיבה של המעמד העובד: להקמת איגוד מקצועי עצמאי ודמוקרטי

ב-1920 הקים המפעל הציוני גוף בשם "ההסתדרות הכללית של העובדים העברים [ז.א. יהודים] בארץ-ישראל". ב-1995 שונה השם ל"ההסתדרות הכללית של העובדים בישראל". השם ההיסטורי של הגוף הזה מציין את אופיו הגזעני. ציבור הפועלים אינו יכול להתעצב כמעמד מול הבורגנות ומשטרה הקפיטליסטי אלא כמעמד מאוחד, מחוץ לפיצולים שמשטר הניצול והדיכוי נוטה ליצור בתוכו. הקמת גוף שחורת על דגלו הצבת חלק מהעובדים כנגד חלק אחר משרת ישירות את האינטרסים של האויב המעמדי המשותף. הפיצול בין הפועלים גורם בהכרח לתלותם האורגנית באויב הזה, "ההסתדרות" היא גוף בשירות האויב הזה.

מלחמת המעמדות, ביומיום ובקנה המידה של התפתחות מעמד הפועלים המאורגן בפלסטין מחייבת הקמת איגוד מקצועי שיהיה מאוחד ועצמאי. האחדות היא תנאי לעצמאותו, העצמאות היא תנאי לאחדות. הכוונה באחדות היא שהאיגוד המקצועי מארגן את חבריו על בסיס של שוויון מלא ביניהם, ופוסל כל אפשרות של פיצול על בסיס אתני דתי או אחר. סולידאריות מלאה ואמיתית היא תנאי להצלחת המאבקים.

עצמאות פירושה שהאיגוד תלוי אך ורק בחבריו, באינטרסים שלהם ושל כלל ציבור העובדים.

התארגנותו העצמאית של מעמד הפועלים בארץ היא משימה קשה ביותר בתנאים שיצר משטר הניצול והדיכוי הציוני, שהביא לאטומיזציה של ציבור העובדים. אבל התארגנות כזאת תאפשר למצב את מעמד הפועלים במקום הראוי בתוך המאבק הכולל לשחרור הלאומי בפלסטין.

יום רביעי, 13 באוקטובר 2010

National Jewish State: Not a Good Idea, for Palestinian and Jews Alike

Ofra Yeshua-Lyth

Author, "A State of Mind; Why Israel should become Secular and Democratic"

So many bags are going to be packed and unpacked all over again in the present round of Israeli Palestinian Peace talks. According to the special American envoy George Mitchell, the rivaling leaders have agreed to meet every two weeks over the coming months, with U.S. representatives attending at least some of those meetings. One may look enviously on the lavish gatherings, the next one due this Monday at the enchanted Egyptian-Bedouin Sharm El Sheikh resort. At the same time respect is due for the perfect candor sizzling out of the off-record briefings: no, nobody expects real progress to come out of the discussions, thanks for asking.

President Barack Obama made a special festive plea to Israel and the Palestinian Authority "to move beyond their differences". However the luggage of the Israeli Prime Minister contains some two thousand year old axioms that would guarantee no such "move" will not occur in any foreseeable future.

"Moving beyond the differences" between a mini-superpower and a semi-functioning civil administration totally controlled by it is already a great challenge. Any symmetry between the two parties will be limited to the sizes of the delegations' respective presidential suites. The good food and elegant settings might help to forget that Benjamin Netanyahu is the elected leader of the occupying might, fully backed by his relevant constituency, while Mahmoud Abbas's presidency over an exasperated population with no citizenship or even valid travel documents is much contested.

Still, just for the case that the Palestinians should accept too many Israeli security demands and expect some gesture in return, a real effort was made by the Israeli delegation to secure the breakdown of the negotiations with null results. Benjamin Netanyahu inserted a trump card with an old-new mantra to take the center stage: "we expect you to be prepared to recognize Israel as the nation-state of the Jewish people", Netanyahu reportedly told President Abbas in Washington, making headlines and rallying supporters to the customary indignant Israeli complain: what about our right for self-determination?

What most supporters will not see, and the majority of supposedly impartial observers fail to notice, is that this demand has nothing to do with self-determination; In fact it represents the opposite of this very idea. The basic right of every person to choose and declare his or her own national identity is denied to Israeli citizen and residents alike.

There is no such thing as "Israeli Nationality". Israeli citizens are categorized according to "nationalities" that in fact represent their religion affiliations or ethnic origins. Rare challenges to this anomaly from within Israel are crushed (if raised by Arabs) or ignored (if the challengers are Jews). The state accords a privileged status to the "Jewish Nationality" which may be certified only by the authorities of the Orthodox rabbinate.

As Netanyahu, a seemingly secular, smart and sophisticated modern man, and the overwhelming majority of Israeli-Jewish citizens know only too well, the concept of the "nation state for the Jewish People" entails green light for human rights violations sanctioned by the strict, undemocratic and openly xenophobic decries of a very ancient, unreformed and outdated religion.

The Orthodox Jewish establishment that exclusively decides "who is a Jew" is far removed from the majority of the Jewish religious institutions in the US (in fact many American Jews are not even as eligible to call themselves Jewish according to the orthodoxy). But it had mastered the reverence and the full cooperation of the Israeli state and its supporters, enabling a perfect instrument for the practice of blatant discrimination against non-Jews who happen to live in the land, mainly the indigenous population.

In the National State for the Jewish People residential rights as well as property claims have their limits for the non-Jewish population. Palestinian-Arab citizens of Israel are expected to accept a second-class citizenship. In the occupied territories, the discrimination becomes even more painfully obvious, while its origins are seldom noticed. The flourishing Israeli settlements, resided by Jewish nationals only, are enclaves of state-financed welfare and prosperity. Their dwellers may roam the space between the river Jordan and the sea unhindered by the military checkpoints. Their elevated status is a direct derivation of their religious affiliation. In fact, any complete foreigner landing in these regions from abroad is entitled to the lavish subsidies that make life in the occupied areas so attractive to many Israeli Jews. Provided, of course, that he or she can display the mandatory religious affiliation credentials.

It is hardly surprising that feeble calls for secularization of Israel - a mere separation of politics and religion ("Church and State") are greeted with panic and libeled as "calls for the annihilation" of the Jewish State. Non-religious Israelis often resent the extent at which the Jewish religion interferes with their personal affairs, down to the consumption of food, leisure patterns, transport and matrimony. They dislike most aspects of the orthodox religious education system and the generous funneling of tax money to sponsor non-working religious populations. Israeli women know that law of the land does not accord them the same rights as men, and on some Jerusalem buses their place is in the back as not to interfere with the view of pious Jewish men. Still, the concept of the "National Jewish State" remains a sacred taboo.

However there is no reason in the world why a Palestinian leader should endorse this taboo and not regard it for what it really is: a basic fault of the Israeli political entity. Perhaps he should remind his Israeli interlocutors that they would certainly recoil were he to present them with a parallel demand to recognize a future Palestine as a "National Moslem State". Advocates of a Two States Solution should think twice before accepting that one of the desired future political entities would be allowed to be fully identified with any version of an ancient religion.

If anything, Middle East pundits would be well advised to ask Israel to move towards secularity and real democracy. This will be a real step to enable "moving beyond the differences" for the parties in our long suffering region. En route they will be doing a favor to many Israeli Jews.

Re-posted from The Huffington Post

יום שלישי, 1 ביוני 2010

רצח אזרחים צפוי מראש

ההשתלטות הפירטית של יחידות קומנדו של הצבא הישראלי על משט אזרחי בלתי אלים שנועד לבטא את מורת הרוח הכללית מהמצור האכזרי על עזה, נסתיימה בטבח של אזרחים בלתי חמושים ובפציעת עשרות מפגינים. בניגוד לדעת עתונאי ישראל הטוענים שמשהו השתבש בפעולה הצבאית, אנו סבורים שהמסקנה הטבעית מפעילותו הנפשעת של צבא הכיבוש, חייבת היתה להוביל לטבח אזרחים חפים מפשע.

ההתנפלות הבלתי חוקית והבלתי פרופורציונית בוצעה הרחק מחופי ישראל במים בינלאומיים. החיילים שהורדו ממסוק אל הספינה הראשונה לא נשאו ציוד לפיזור הפגנות, אלא נשק קטלני. אין כל פלא בכך: אלה חילי קומנדו המאומנים להרג בקרבות פנים אל פנים שהשתלחו בפעילים כלהקת זאבים. זעקות הקוזק הנגזל והמותקף שמשמיעה ישראל רק נועדו לכפות את גירסתה השקרית על הפשע הנוכחי.

לא רק הרוצחים הישירים אשמים בפשע אלא כל הדרגים הפוליטים והצבאיים. אשם ראש הממשלה וועדת שריו שהחליטו לשבור בכח את הנסיון להפסיק את המצור על מליון וחצי אזרחים. אשם שר הבטחון אהוד ברק שנקט אותה מדיניות כמו באוקטובר 2000, כאשר שוטרי ישראל רצחו 13 מפגינים אזרחי ישראל. אשם הרמטכ"ל אשכנזי שבמשך כל תקופת כהונתו טרח להפוך את חייליו מקלגסי שיטור נושאי אלות לרוצחים מאומנים. משנתו הצבאית נחשפה במלחמת עזה, בה נוצקו בעופרת וזרחן 1400 איש. אשמים שר החוץ וסגנו אשר הגדירו את המשט כפיגוע טרור ובזאת התירו את דמם של האזרחים על הספינות.

כל התערובת הזאת שרקחה ישראל איננה מקרית. לא שגעון הכח של מנהיגי המדינה לא שכרון ההרג של הצבא שעדין עסוק במחיקת התבוסה במלחמת לבנון השניה - מחיקה שלפי ערכיו תיתכן רק בדם, בהרבה דם. כל זה מתרחש מתחת לכותרת "אנחנו היחידים שצודקים וכולם נגדנו".

על תושבי ישראל שטרם איבדו צלם אנוש לצאת לרחובות, לזעוק על הטבח שהיה ולמנוע את המשכו. ספינה נוספת הנושאת ציוד הומניטרי לעזה והנקראת "ריצ'ל קורי" על שם הצעירה שנדרסה למוות על ידי מפעיל בולדוזר הרס ישראלי, עשויה להעצר מחר באותה צורה, עם טבח חדש.

האלימות הישראלית שעלתה עוד מדרגה מתחייבת מתוך מסגרת השקר שממשיכה לקדם ההנהגה הישראלית. השקר של חתירה כביכול לשתי מדינות לשני עמים. שוב נחשפה האמת: יש כאן מדינה אחת ששולטת על כל חלקי הארץ, כולל עזה שאי אפשר להכניס אליה אפילו בדל ירק או דף נייר בלא להסתבך בכוחות המזויינים של מדינת ישראל. רק פתרון אנושי לסכסוך הדמים שיכיר בזכותם של יהודים וערבים לחיות במדינה אחת חילונית ודמוקרטית, שבה לכל האזרחים יש זכויות אזרח שוות יפסיק את הקזת הדם הנוראה.

אלי אמינוב

יום רביעי, 26 במאי 2010

בואו להשתתף בוועידת חיפה השנייה

בואו להשתתף בוועידת חיפה השנייה

למען שיבת הפליטים הפלסטינים
והמדינה הדמוקרטית החילונית בפלסטין ההיסטורית

חיפה, תיאטרון אלמידאן, 28-30/5/2010

פרטים באתר הוועידה: http://www.ror1state.org/awda

منبر حوار - حول مسألة القومية في فلسطين

لم يتراجع الحزب الشيوعي الإسرائيلي – الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة حتى اليوم عن شعاره الرئيسي "إسرائيل- فلسطين, دولتان لشعبين". ويعني هذا الشعار أن قوميتين تقطنان في فلسطين التاريخية- لكلٍ منهما الحق بدولتها : إسرائيل في مناطق 48 والدولة الفلسطينية المزموع قيامها في مناطق 67, وقد تحوّل هذا الشعار منذ مدة طويلة إلى كنز تستخدمه مجاهرة به الإمبريالية وذراعها المتمثل بنظام الحكم الإسرائيلي.
كما يتمسّك الحزب الشيوعي الإسرائيلي بشعار خالد يخصه ألا وهو "الحزب اليهودي العربي", بمعنى أن أعضاءه من منطقة 48, ينتمون إلى قوميتين مختلفتين, ويتم تعريفهما بناءً على هذا الانتماء: عرباً على حدة ويهوداً على حدة. ألا نشتمّ هنا رائحة التفرقة الإثنية أو الأبرتهايد؟ عندما تفرض قيادات حزب ما على الحزب الخطوط العريضة ذاتها التي يتبناها نظام الحكم في دولة اسرائيل؟ فلنأخذ على سبيل المثال مبنىً سكنياً في "نتسيريت عيليت" وفيه عائلة عضو عربي من الحزب و عائلة جاره, وهو عضو يهودي في الحزب, تتشارك العائلتان الحياة اليومية ويلعب الأطفال سوية دوماً. فهل يتم فصلهم في مجمع حزبهم اللغوي حسب التصنيف الحاسم "يهودي – عربي" ؟ أنت هنا (أين)؟ وأنا هناك (أين)؟ يمكن لما سبق أن يفسّر منشأ الإنقسام السياسي الحاصل في الحزب الشيوعي الإسرائيلي بين فرع تل أبيب وفرع يافا, إذ ان الوسط اليهودي المنفصل تبتلعه بالضرورة البيئة اليهودية التي يعيشها أعضاؤه.
إذاً فإن نظام الفصل العنصري بين ما اصطلحت دولة اسرائيل تسميته ب"الأوساط" - والذي يكرّس هيمنة "الوسط اليهودي" - للنظام الداخلي الحزبي للحزب الشيوعي الإسرائيلي ليس بمميز له فقط. ما هذا المثل إلا مثلاً عاماً يرجى منه أن يوصلنا إلى السؤال التالي: هل من فرق بين أبناء الفريقين الناطقين بلغة مختلفة القاطنين في هذه البلاد – وهي فلسطين التاريخية؟
هل من فرق يمكن تعريفه على أنه قومي بحت, يحتم الفصل الملموس بينهما في رقعة البلاد ذاتها؟ من الواضح أن أهل جنين وأهل أم الفحم ينتمون إلى القومية ذاتها, كذلك أمر الجدة في مخيم عين الحلوة (في لبنان) وحفيدها في الناصرة. إن النظرية التي سنطورها هنا باقتضاب تقول, عملياً, أن الصفات الثقافية كاللغة والتاريخ والأدب وغيرها لا تمثّل أساساً لتشكيل قومية بل أن الأساس هو مادي ملموس أي البلاد التي تتواجد فيها وتتطور فيها المجموعة السكانية تلك.
منطقة واحدة - قومية واحدة –
من باب توخي الدقة فإن السوق الداخلي والذي تحدّه عادة الحدود الطبيعية يخلق, بشكل كلاسيكي, منطقة يصبح سكانها قومية منظمة, وتبدأ المجموعة السكانية عملية تتوحد من خلالها اللغة, وتبني فيها تاريخاً مشتركاً. يمكن لهذه الأمور أن تتحقق فقط بفعل القوة الدافعة والتنظيمية للثورة الاجتماعية, وعادة تقود الطبقة البرجوازية الشابة والجريئة هذه الثورات. الثورة الأمريكية في القرن الثاني عشر والتي تلتها استمراراً لها الحرب الأهلية, كانت أول حالة تداخل فيها تشكيل القومية بالتحرر الوطني من حكم الاستعمار البريطاني. كانت الثورة الأمريكية, والثورة الفرنسية بعدها, أول الثورات التي طبقت مبدأ التماهي ما بين الجنسية والقومية. فإن كنت مواطناً في دولة ما تكون أيضا حاملاً لقوميتها. هكذا طبقت هذه الثورات مبدأ نظام الأرض: فلتكن من تكون طالما ولدت في هذه البلاد, تكون مواطناً فيها وتحمل قوميتها على الفور. هذه هي مبادئ الديمقراطية المتتابعة في المجال القومي.
هكذا إذاً في الولايات المتحدة, يكون أي طفل ولد في الولايات المتحدة لعائلة مهاجرة من المكسيك, ولو كانت هجرتها غير قانونية, مواطناً أمريكياً وأمريكي القومية – حتى ولو كان يتكلم الإسبانية مع عائلته وفي حيّه وليس الإنجليزية.
على هذا النحو ينقشع ستار الغموض الذي يغلف مسألة القومية بغية التستر على القضايا الجوهرية للإضطهاد القومي.
إن هدف التحرر القومي هو هدم وتفتيت جميع أساليب اضطهاد الشعوب التي تنتهجها الدول الناهبة. بما يعني ان تتحوّل البلاد المقموعة إلى دولة يكون مواطنوها أحراراً, وتكون حرةً من الاستعمار وذات سيادة. لنسر على خطى سوابق تحرر فيها المواطنون ليخطو بالإنسانية قدماً. إن هدف الصراع من أجل التحرر القومي في فلسطين هو إقامة دولة القومية – دولة القومية الفلسطينية.
قد يدّعي من يدّعي عندئذٍ أن البلاد ناطقة بلغتين مختلفتين (على الأقل) – العبرية والعربية وبالتالي فثمة قوميتين. العديد من الدول تنطق بأكثر من لغة, ولكلٍ ثقافتها الخاصة, وتجد هذه الدول رغم ذلك دول قومية. يتكلم أبناء القومية الواحدة لغتين أو ثلاثة أو أكثر. فلنأخذ بلجيكا في أوروبا مثلاً, ولغاتها الثلاثة, وسويسرا بلغاتها الأربعة ورومانيا بلغتيها, وفي القارة الأمريكية نجد كندا بلغتيها أما آسيا فالهند بمئات لغاتها. إذاً يبدو أن القومية ليست حصراً بالضرورة على مجموعة الناطقين بلغة ما. بل قد تشمل مجموعة الناطقين بلغة واحدة عدة قوميات انجليزية واسبانية وفرنسية وألمانية وبرتغالية. في الولايات المتحدة استطاع فرن الصهر القومي خلال جيل واحد أو اثنين محو الخصوصية اللغوية. أما في الدول غير المتطورة فلم يتحقق الأمر. هذا الاختلاف لا يغيّر حقيقة كون هذه الدول دول قومية.
إن حل المسألة القومية في فلسطين يكمن في تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني, أي تحريره وتوحيده والقضاء على الانشقاق الأثني وهو ما خلفّه القمع الكولونيالي, وكذلك تحقيق العودة وتحرير اليهود من قدر محفوف بالحروبات المستمرة منذ تقسيم البلاد في 48.
لتوضيح الصورة, تكون الدولة الديمقراطية العلمانية مطابقة في حدودها لمساحة فلسطين التاريخية, كما تنص الخطوط العريضة "للجنة" وتضم أبناء القومية الفلسطينية على شقيهما. وتكون دولة القومية الفلسطينية بمعناها العصري والحقيقي. يحصل الشّقّان على تمويل متساوٍ لنشاطاتهما الثقافية.
إن كلمة السر أصلاً هي المساواة ثم المساواة ثم المساواة. ليس بالكلمات فقط بل في الواقع أيضاً. المساواة هي ضمان حرية المواطنين. المساواة التامة والمطلقة بين جميع المواطنين, والحرية لجميع المواطنين بغضّ النظر عن انتمائهم لهذه المجموعة أو تلك.
أرييه بن دافيد