יום שישי, 18 בדצמבר 2009

التقسيم بدأ في ميونخ

بقلم: ايلي امينوف

قبل 62 سنة، في 29 تشرين الثاني 1947 قررت الجمعية العمومية للامم المتحدة تقسيم فلسطين الى دولتين: دولة يهودية ودولة عربية. وهكذا وضع حد لوجود الشعب الفلسطيني الذي نشأ في وطنه، لوحدته ومستقبله. في نهاية الحرب الاهلية التي اندلعت في فلسطين في اعقاب قرار الامم المتحدة تشتت الشعب الفلسطيني وتمزق إربا. معظم الفلسطينيين اصبحوا لاجئين وتقاسم اراضيهم الحركة الصهيونية ومملكة شرقي الاردن للامير عبدالله.
قرار الامم المتحدة، كما يجدر بالذكر، اتخذ بضغط القوى العظمى التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية، وكان بوسعها أن تمارس قوة نفوذها على كل الدول الاعضاء في الهيئة التي خلفت عصبة الامم. ورأت القوى العظمى في الامم المتحدة مؤسسة لترتيب توزيع غنائم السلب العالمي بعد الحرب وحل "المشكلة اليهودية" كان من ناحيتها خطوة ضرورية لانهاء القضية المحرجة من ناحيتها من حيث أنها لم تفعل ما يكفي كي تمنع قتل الشعب الفظيع الذي وقع على ارض اوروبا.
الحجة الصهيونية الخالدة ضد الفلسطينيين هي انكم "خسرتم بلادكم لانكم عارضتم التقسيم". وبالفعل، الاغلبية الساحقة من ابناء الشعب الفلسطيني رفضوا عن حق الاقتراح بالتخلي عن قسم من بلادهم من أجل حل مشكلة اوروبية. ومن المهم لنا ان نتذكر ايضا بانه قبل عشر سنوات من ذلك، عندما اقترحت لجنة "بيل" المؤيدة للصهيونية، تقسيم فلسطين بين السكان الاصليين وبين المهاجرين، عارض الصهاينة لان بريطانيا لم توافق على تنفيذ ترحيل لـ 300 الف فلسطيني من الاراضي التي خصصت للدولة اليهودية.
الخطة الاصلية لفلسطين قامت وفقا لقرار الامم المتحدة ومبادىء المنظمة لانهاء الانتداب البريطاني ومنح الاستقلال لفلسطين التي سيعيش فيها كل سكانها بنظام ديمقراطي. على هذه الفكرة وافق الفلسطينيون، ولكن الصهاينة الذين تطلعوا لان يقيموا في فلسطين دولة لليهود فقط عارضوا ذلك بشدة. ولشدة المفاجأة قبلت القوى العظمى المطالب الصهيونية وقررت تقسيم فلسطين وتخصيص اكثر من نصفها لليهود الذين شكلوا ثلث سكان البلاد.
توجد أوجه شبه مفاجئة بين القرار التعسفي للقوى العظمى لتقسيم فلسطين على أمل أن تحافظ الخطوة على مصالحها في الشرق الاوسط، وبين قرار آخر لمجموعة من القوى العظمى اتخذ قبل تسع سنوات من ذلك في ميونخ. في 29 تشرين الثاني 1938، اجتمع في هذه المدينة قادة القوى العظمى، بريطانيا، فرنسا، المانيا وايطاليا وقرروا تقسيم تشيكوسلوفاكيا. القسم الذي ضم اساسا مستوطنين المان – اقليم السودات – فصل عن تشيكوسلوفاكيا من أجل "انقاذ السلام" وحق تقرير المصير للمهاجرين الالمان دون مراعاة باقي سكان الدولة.
بالنسبة للقوى العظمى التي وقعت على اتفاقات يالطا فان اقامة الغيتو اليهودي في الشرق الاوسط كان يفترض به ان يبقي الشرق العربي في وضع من الانقسام والتشتت وان اقامة دولة عربية موحدة مثلما وعدت بريطانيا العرب في الحرب العالمية الاولى. الاتحاد السوفييتي الذي كان الداعم الاكبر للحركة الصهيونية في 1947 تعاون بحماسة مع اقامة القلعة الجديدة للامبراطية في قلب العالم العربي، بل ان ستالين وفر للصهاينة السلاح في شهر نيسان 1948، في "صفقة السلاح التشيكية" التي حسمت مصير الحرب في صالح اليهود وقررت مصير الفلسطينيين بالكارثة، المنفى وفقدان الوطن.
ذاك القرار البائس قبل 62 سنة لا يزال ينزف في فلسطين وفي محيطها وهو سبب كل جداول الدم التي سالت هنا منذئذ. هذه المذبحة المتواصلة يمكن وقفها بالغاء قرار التقسيم، باستبدال الدولة اليهودية بجمهورية علمانية ديمقراطية في كل اراضي البلاد، باعادة اللاجئين وبناء نظام من المساواة الكاملة بين العناصر المختلفة من السكان.

تشرين الثاني 2009
ايلي امينوف هو عضو من أجل دولة علمانية ديمقراطية في كل البلاد

אין תגובות:

הוסף רשומת תגובה